مَرَّةً ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ يُخْبِرُ عَنْ مُعَاذٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَهُمْ بِالشَّامِ» فَحَثَّ بِهَذَا أَهْلَ الشَّامِ عَلَى مُنَاجَزَةِ أَهْلِ الْعِرَاقِ - وَإِنَّ أَهْلَ الشَّامِ هُمُ الطَّائِفَةُ الْمَنْصُورَةُ عَلَى مَنْ خَالَفَهَا. وَهَذَا مِمَّا كَانَ يَحْتَجُّ بِهِ مُعَاوِيَةُ لِأَهْلِ الشَّامِ فِي قِتَالِهِمْ أَهْلَ الْعِرَاقِ.
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فَتَحَ مُعَاوِيَةُ قَيْسَارِيَّةَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ فِي دَوْلَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَفَتَحَ قُبْرُسَ سَنَةَ خَمْسٍ. وَقِيلَ: سَنَةَ سَبْعٍ. وَقِيلَ: ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ. فِي أَيَّامِ عُثْمَانَ. قَالُوا: وَكَانَ عَامَ غَزْوَةِ الْمَضِيقِ - يَعْنِي مَضِيقَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ - فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ الْأَمِيرُ عَلَى النَّاسِ يَوْمَئِذٍ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَجَمَعَ عُثْمَانُ لِمُعَاوِيَةَ جَمِيعَ الشَّامِ، وَقَدِ اسْتَقْضَى مُعَاوِيَةُ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ بَعْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ، ثُمَّ كَانَ مَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلِيٍّ بَعْدَ قَتَلِ عُثْمَانَ، عَلَى سَبِيلِ الِاجْتِهَادِ وَالرَّأْيِ، فَجَرَى بَيْنَهُمَا قِتَالٌ عَظِيمٌ، كَمَا قَدَّمْنَا، وَكَانَ الْحَقُّ وَالصَّوَابُ مَعَ عَلِيٍّ، وَمُعَاوِيَةُ مَعْذُورٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ سَلَفًا وَخَلَفًا، وَقَدْ شَهِدَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِالْإِسْلَامِ لِلْفَرِيقَيْنِ مِنَ الطَّرَفَيْنِ ; أَهْلِ الْعِرَاقِ وَأَهْلِ الشَّامِ.
كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ " الصَّحِيحِ ": " «تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ