شَهْرٍ ثَمَانِينَ دِينَارًا. وَالصَّوَابُ أَنَّ الَّذِي جَمَعَ لِمُعَاوِيَةَ الشَّامَ كُلَّهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَأَمَّا عُمَرُ إِنَّمَا وَلَّاهُ بَعْضَ أَعْمَالِهَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمَّا عُزِّيَتْ هِنْدُ فِي يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ - وَلَمْ يَكُنْ مِنْهَا - قِيلَ لَهَا: إِنَّهُ قَدْ جَعَلَ مُعَاوِيَةَ أَمِيرًا مَكَانَهُ. فَقَالَتْ: أَوَ مِثْلُ مُعَاوِيَةَ يُجْعَلُ خَلَفًا مِنْ أَحَدٍ؟ ! فَوَاللَّهِ لَوْ أَنَّ الْعَرَبَ اجْتَمَعَتْ مُتَوَافِرَةً، ثُمَّ رُمِيَ بِهِ فِيهَا لَخَرَجَ مِنْ أَيِّ أَعْرَاضِهَا شَاءَ. وَقَالَ آخَرُونَ: ذُكِرَ مُعَاوِيَةُ عِنْدَ عُمَرَ، فَقَالَ: دَعُوا فَتَى قُرَيْشٍ وَابْنَ سَيِّدِهَا، إِنَّهُ لَمَنْ يَضْحَكُ فِي الْغَضَبِ وَلَا يُنَالُ مِنْهُ إِلَّا عَلَى الرِّضَا، وَمَنْ لَا يَأْخُذُ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهِ إِلَّا مِنْ تَحْتِ قَدْمَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ بَحْرٍ، عَنْ شَيْخٍ لَهُ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الشَّامَ تَلَقَّاهُ مُعَاوِيَةُ فِي مَوْكِبٍ عَظِيمٍ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ عُمَرَ قَالَ لَهُ: أَنْتَ صَاحِبُ الْمَوْكِبِ الْعَظِيمِ؟ قَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: مَعَ مَا بَلَغَنِي مِنْ طُولِ وُقُوفِ ذَوِي الْحَاجَاتِ بِبَابِكَ؟ قَالَ: مَعَ مَا بَلَغَكَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: وَلِمَ تَفْعَلُ هَذَا؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّا بِأَرْضٍ جَوَاسِيسُ الْعَدُوِّ فِيهَا كَثِيرَةٌ، فَيَجِبُ أَنْ يَظْهَرَ مَنْ عِزِّ السُّلْطَانِ مَا يُرْهِبُهُمْ بِهِ، فَإِنْ أَمَرْتَنِي فَعَلْتُ، وَإِنْ نَهَيْتَنِي انْتَهَيْتُ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: