وَأَمَّا أَبُو بَكْرَةَ نُفَيْعُ بْنُ الْحَارِثِ
بْنِ كَلَدَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عِلَاجِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الثَّقَفِيُّ، فَصَحَابِيٌّ جَلِيلٌ كَبِيرُ الْقَدْرِ، وَيُقَالُ: كَانَ اسْمَهُ مَسْرُوحٌ. وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ: أَبُو بَكْرَةَ. لِأَنَّهُ تَدَلَّى فِي بَكْرَةَ يَوْمَ الطَّائِفِ، فَأَعْتَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُلَّ مَنْ نَزَلَ مِنْ مَوَالِيهِمْ يَوْمَئِذٍ. وَأُمُّهُ سُمَيَّةُ هِيَ أُمُّ زِيَادٍ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ بِالزِّنَى هُوَ وَأَخُوهُ زِيَادٌ، وَمَعَهُمَا شِبْلُ بْنُ مَعْبَدٍ، وَنَافِعُ بْنُ الْحَارِثِ، فَلَمَّا تَلَكَّأَ زِيَادٌ فِي الشَّهَادَةِ جَلَدَ عُمَرُ الثَّلَاثَةَ الْبَاقِينَ، ثُمَّ اسْتَتَابَهُمْ فَتَابُوا إِلَّا أَبَا بَكْرَةَ فَإِنَّهُ صَمَّمَ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اشْفِنِي مِنْ هَذَا الْعَبْدِ. فَنَهَرَهُ عُمَرُ وَقَالَ لَهُ: اسْكُتْ لَوْ كَمَلَتِ الشَّهَادَةُ لَرَجَمْتُكَ بِأَحْجَارِكَ. وَكَانَ أَبُو بَكْرَةَ خَيْرَ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ، وَكَانَ مِمَّنِ اعْتَزَلَ الْفِتَنَ، فَلَمْ يَحْضُرْ شَيْئًا مِنْهَا، وَمَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقِيلَ: قَبْلَهَا بِسَنَةٍ. وَقِيلَ: بَعْدَهَا بِسَنَةٍ. وَصَلَّى عَلَيْهِ أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ، وَكَانَ قَدْ آخَى بَيْنَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.