فِيهَا بَعَثَ مُعَاوِيَةُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ إِلَى دِيَارِ مِصْرَ لِيَأْخُذَهَا مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. وَاسْتَنَابَ مُعَاوِيَةُ عَمْرًا عَلَيْهَا، وَذَلِكَ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ. وَقَدْ كَانَ عَلِيٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، اسْتَنَابَ عَلَيْهَا قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَانْتَزَعَهَا مِنْ يَدِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حُذَيْفَةَ، وَقَدْ كَانَ أَخَذَهَا مِنَ ابْنِ أَبِي سَرْحٍ نَائِبِ عُثْمَانَ عَلَيْهَا، وَكَانَ عُثْمَانُ قَدْ عَزَلَ عَنْهَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَكَانَ عَمْرٌو هُوَ الَّذِي افْتَتَحَهَا، كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ، ثُمَّ إِنَّ عَلِيًّا عَزَلَ عَنْهَا قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ، وَوَلَّى عَلَيْهَا مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ قَيْسٌ كُفْئًا لِمُعَاوِيَةَ وَعَمْرٍو، فَلَمَّا وُلِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قُوَّةٌ تُعَادِلُ مُعَاوِيَةَ وَعَمْرًا، وَحِينَ عُزِلَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ عَنْهَا رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ، ثُمَّ سَارَ إِلَى عَلِيٍّ بِالْعِرَاقِ فَكَانَ مَعَهُ. وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ عِنْدَ عَلِيٍّ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ تَكُونُ مَعَهُ بَدَلَهُ. فَلَمَّا فَرَغَ عَلِيٌّ مِنْ صِفِّينَ، وَبَلَغَهُ أَنَّ أَهْلَ مِصْرَ قَدِ اسْتَخَفُّوا بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ; لِكَوْنِهِ شَابًّا ابْنَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ سَنَةً، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ عَزَمَ عَلِيٌّ عَلَى رَدِّ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ