التَّحْكِيمِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ طَمِعَ أَهْلُ مِصْرَ فِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَاجْتَرَءُوا عَلَيْهِ وَبَارَزُوهُ بِالْعَدَاوَةِ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا سَنَذْكُرُهُ. وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَدْ بَايَعَ مُعَاوِيَةَ عَلَى الْقِيَامِ بِطَلَبِ دَمِ عُثْمَانَ وَكَانَ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ حِينَ أَرَادُوا حَصْرَهُ ; لِئَلَّا يَشْهَدَ مَهْلِكَهُ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ مُتَعَتِّبًا عَلَى عُثْمَانَ بِسَبَبِ عَزْلِهِ لَهُ عَنْ دِيَارِ مِصْرَ وَهُوَ الَّذِي فَتَحَهَا، وَتَوْلِيَتِهِ بَدَلَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي سَرْحٍ، فَخَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى تَغَضُّبٍ وَغَيْظٍ، فَنَزَلَ قَرِيبًا مِنَ الْأُرْدُنِّ، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، صَارَ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَبَايَعَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْقِيَامِ بِدَمِ عُثْمَانَ.
فَصَلٌ فِي ذِكْرِ وَقْعَةِ صِفِّينَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ وَبَيْنَ أَهْلِ الشَّامِ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ
قَدْ تَقَدَّمَ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ: هَاجَتِ الْفِتْنَةُ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَشَرَاتُ أُلُوفٍ فَلَمْ يَحْضُرْهَا مِنْهُمْ مِائَةٌ، بَلْ لَمْ يَبْلُغُوا ثَلَاثِينَ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: