مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا. وَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا. وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانُوا سَبْعِينَ رَجُلًا. وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُمْ كَانُوا أَرْبَعِينَ غُلَامًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَمَرَهُمْ فِرْعَوْنُ أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى الْعُرَفَاءِ، فَيَتَعَلَّمُوا السِّحْرَ. وَلِهَذَا قَالُوا: {وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 73] وَفِي هَذَا نَظَرٌ.

وَحَضَرَ فِرْعَوْنُ وَأُمَرَاؤُهُ وَأَهْلُ دَوْلَتِهِ وَأَهْلُ بَلَدِهِ عَنْ بَكْرَةِ أَبِيهِمْ; وَذَلِكَ أَنَّ فِرْعَوْنَ نَادَى فِيهِمْ أَنْ يَحْضُرُوا هَذَا الْمَوْقِفَ الْعَظِيمَ، فَخَرَجُوا وَهُمْ يَقُولُونَ: {لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ} [الشعراء: 40] . وَتَقَدَّمَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى السَّحَرَةِ، فَوَعَظَهُمْ وَزَجَرَهُمْ عَنْ تَعَاطِي السِّحْرِ الْبَاطِلِ، الَّذِي فِيهِ مُعَارَضَةٌ لِآيَاتِ اللَّهِ وَحُجَجِهِ، فَقَالَ: {وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى - فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} [طه: 61 - 62] قِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ; فَقَائِلٌ يَقُولُ: هَذَا كَلَامُ نَبِيٍّ وَلَيْسَ بِسَاحِرٍ. وَقَائِلٌ مِنْهُمْ يَقُولُ: بَلْ هُوَ سَاحِرٌ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَسَرُّوا التَّنَاجِيَ بِهَذَا وَغَيْرِهِ قَالُوا {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا} [طه: 63] يَقُولُونَ: إِنَّ هَذَا وَأَخَاهُ هَارُونَ سَاحِرَانِ، عَلِيمَانِ، مُطْبِقَانِ مُتْقِنَانِ لِهَذِهِ الصِّنَاعَةِ، وَمُرَادُهُمْ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْهِمَا، وَيَصُولَا عَلَى الْمَلِكِ وَحَاشِيَتِهِ، وَيَسْتَأْصِلَاكُمْ عَنْ آخِرِكُمْ، وَيَسْتَأْمِرَا عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الصِّنَاعَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015