وَقَدْ سَارَ ضَبَّةُ بْنُ مِحْصَنٍ الْعَنَزِيُّ، فَاشْتَكَى أَبَا مُوسَى إِلَى عُمَرَ، وَذَكَرَ عَنْهُ أُمُورًا لَا يُنْقَمُ عَلَيْهِ بِسَبَبِهَا، فَاسْتَدْعَاهُ عُمَرُ، فَسَأَلَهُ عَنْهَا، فَاعْتَذَرَ مِنْهَا بِوُجُوهٍ مَقْبُولَةٍ فَسَمِعَهَا عُمَرُ وَقَبِلَهَا، وَرَدَّهُ إِلَى عَمَلِهِ وَعَذَرَ ضَبَّةَ فِيمَا تَأَوَّلَهُ. وَمَاتَ عُمَرُ وَأَبُو مُوسَى عَلَى صَلَاةِ الْبَصْرَةِ.
بَعَثَهُ عُمَرُ أَمِيرًا عَلَى سَرِيَّةٍ، وَوَصَّاهُ بِوَصَايَا كَثِيرَةٍ بِمَضْمُونِ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ ": " «اغْزُوا بِسْمِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ» ". الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ. فَسَارُوا فَلَقَوْا جَمْعًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَدَعَوْهُمْ إِلَى إِحْدَى ثَلَاثِ خِلَالٍ، فَأَبَوْا أَنْ يَقْبَلُوا وَاحِدَةً مِنْهَا، فَقَاتَلُوهُمْ فَقَتَلُوا مُقَاتَلَتَهُمْ، وَسَبَوْا ذَرَارِيَّهُمْ، وَغَنِمُوا أَمْوَالَهُمْ. ثُمَّ بَعَثَ سَلَمَةُ بْنُ قَيْسٍ رَسُولًا إِلَى عُمَرَ بِالْفَتْحِ وَبِالْغَنَائِمِ، فَذَكَرُوا وُرُودَهُ عَلَى عُمَرَ وَهُوَ يُطْعِمُ النَّاسَ، وَذَهَابَهُ مَعَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ؛ كَنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قِصَّةِ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عَلِيٍّ، وَطَلَبِهَا الْكُسْوَةَ كَمَا يَكْسُو طَلْحَةُ وَغَيْرُهُ أَزْوَاجَهُمْ، فَقَالَ: أَلَا يَكْفِيَكِ أَنْ يُقَالَ: بِنْتُ عَلِيٍّ وَامْرَأَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ! ثُمَّ ذَكَرَ طَعَامَهُ الْخَشِنَ وَشَرَابَهُ مِنْ سُلْتٍ، ثُمَّ شَرَعَ يَسْتَعْلِمُهُ عَنْ أَخْبَارِ الْمُهَاجِرِينَ،