خُزَيْمَةَ، الْأَسَدِيُّ الْفَقْعَسِيُّ، كَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الْخَنْدَقَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ أَسْلَمَ سَنَةَ تِسْعٍ، وَوَفَدَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى الْمَدِينَةِ، ثُمَّ ارْتَدَّ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي أَيَّامِ الصِّدِّيقِ، وَادَّعَى النُّبُوَّةَ كَمَا تَقَدَّمَ. وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ أَنَّهُ ادَّعَى النُّبُوَّةَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ ابْنَهُ حِبَالًا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ: " مَا اسْمُ الَّذِي يَأْتِي إِلَى أَبِيكَ؟ ". فَقَالَ: ذُو النُّونِ الَّذِي لَا يَكْذِبُ وَلَا يَخُونُ، وَلَا يَكُونُ كَمَا يَكُونُ. فَقَالَ: " لَقَدْ سَمَّى مَلَكًا عَظِيمَ الشَّأْنِ ". ثُمَّ قَالَ لِابْنِهِ: " قَتَلَكَ اللَّهُ وَحَرَمَكَ الشَّهَادَةَ ". وَرَدَّهُ كَمَا جَاءَ، فَقُتِلَ حِبَالٌ فِي الرِّدَّةِ فِي بَعْضِ الْوَقَائِعِ، قَتَلَهُ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ ثُمَّ قَتَلَ طُلَيْحَةُ عُكَّاشَةَ، وَلَهُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَقَائِعُ. ثُمَّ خَذَلَهُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَتَفَرَّقَ جُنْدُهُ، فَهَرَبَ حَتَّى دَخَلَ الشَّامَ، فَنَزَلَ عَلَى آلِ جَفْنَةَ، فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ حَتَّى مَاتَ الصِّدِّيقُ - حَيَاءً مِنْهُ - ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَاعْتَمَرَ، ثُمَّ جَاءَ يُسَلِّمُ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ لَهُ: اغْرُبْ عَنِّي فَإِنَّكَ قَاتِلُ الرَّجُلَيْنِ الصَّالِحَيْنِ؛ عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ وَثَابِتِ بْنِ أَقْرَمَ. فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هُمَا رَجُلَانِ أَكْرَمَهُمَا اللَّهُ عَلَى يَدَيَّ وَلَمْ يُهِنِّي بِأَيْدِيهِمَا. فَأَعْجَبَ عُمَرَ كَلَامُهُ وَرَضِيَ عَنْهُ، وَكَتَبَ لَهُ بِالْوَصَاةِ إِلَى الْأُمَرَاءِ أَنْ يُشَاوَرَ وَلَا يُوَلَّى شَيْئًا مِنَ الْأَمْرِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الشَّامِ مُجَاهِدًا، فَشَهِدَ الْيَرْمُوكَ وَبَعْضَ حُرُوبٍ، كَالْقَادِسِيَّةِ