تَعَالَى: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا} [الأعراف: 137] وَقَالَ تَعَالَى: {فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ - وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ - كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الشعراء: 57 - 59]
[الشُّعَرَاءِ 57 - 59] . وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ فِرْعَوْنَ احْتَرَزَ كُلَّ الِاحْتِرَازِ أَنْ لَا يُوجَدَ مُوسَى، حَتَّى جَعَلَ رِجَالًا وَقَوَابِلَ يَدُورُونَ عَلَى الْحَبَالَى، وَيَعْلَمُونَ مِيقَاتَ وَضْعِهِنَّ، فَلَا تَلِدُ امْرَأَةٌ ذَكَرًا إِلَّا ذَبَحَهُ أُولَئِكَ الذَّبَّاحُونَ مِنْ سَاعَتِهِ. وَعِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يَأْمُرُ بِذَبْحِ الْغِلْمَانِ لِتَضْعُفَ شَوْكَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَلَا يُقَاوِمُونَهُمْ إِذَا غَالَبُوهُمْ أَوْ قَاتَلُوهُمْ. وَفِي هَذَا نَظَرٌ، بَلْ هُوَ بَاطِلٌ، وَإِنَّمَا وَقَعَ هَذَا بَعْدَ بَعْثَةِ مُوسَى فَجَعَلَ يَقْتُلُ الْوِلْدَانَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ} [غافر: 25] . وَلِهَذَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: {أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا} [الأعراف: 129] . فَالصَّحِيحُ أَنَّ فِرْعَوْنَ إِنَّمَا أَمَرَ بِقَتْلِ الْغِلْمَانِ أَوَّلًا حَذَرًا مِنْ وُجُودِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ. هَذَا، وَالْقَدَرُ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا الْمَلِكُ الْجَبَّارُ، الْمَغْرُورُ بِكَثْرَةِ جُنُودِهِ، وَسُلْطَةِ بَأْسِهِ وَاتِّسَاعِ سُلْطَانِهِ، قَدْ حَكَمَ الْعَظِيمُ الَّذِي لَا