خَدِيجَةُ أَخْرَجَتْهَا مَعَ ابْنَتِهَا زَيْنَبَ حِينَ تَزَوَّجَ أَبُو الْعَاصِ بِهَا، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَّ لَهَا رِقَّةً شَدِيدَةً، وَأَطْلَقَهُ بِسَبَبِهَا، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ لَهُ زَيْنَبَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَوَفَّى لَهُ بِذَلِكَ، وَاسْتَمَرَّ أَبُو الْعَاصِ عَلَى كُفْرِهِ بِمَكَّةَ إِلَى قُبَيْلِ الْفَتْحِ بِقَلِيلٍ، فَخَرَجَ فِي تِجَارَةٍ لِقُرَيْشٍ، فَاعْتَرَضَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فِي سَرِيَّةٍ، فَقَتَلُوا جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ وَغَنِمُوا الْعِيرَ، وَفَرَّ أَبُو الْعَاصِ هَارِبًا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَاسْتَجَارَ بِامْرَأَتِهِ زَيْنَبَ فَأَجَارَتْهُ، فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ جِوَارَهَا، وَرَدَّ عَلَيْهِ مَا كَانَ مَعَهُ مِنْ أَمْوَالِ قُرَيْشٍ، فَرَجَعَ بِهَا أَبُو الْعَاصِ إِلَيْهِمْ، وَرَدَّ كُلَّ مَالٍ إِلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ تَشَهَّدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ وَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَرَدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ، وَكَانَ بَيْنَ فِرَاقِهَا لَهُ وَبَيْنَ اجْتِمَاعِهَا سِتُّ سِنِينَ، وَذَلِكَ بَعْدَ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ تَحْرِيمِ الْمُسْلِمَاتِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَقِيلَ: إِنَّمَا رَدَّهَا عَلَيْهِ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ وُلِدَ لَهُ مِنْ زَيْنَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْعَاصِ، وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ، وَخَرَجَ مَعَ عَلِيٍّ إِلَى الْيَمَنِ حِينَ بَعَثَهُ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُثْنِي عَلَيْهِ خَيْرًا فِي صَهَارَتِهِ، وَيَقُولُ: حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي، وَوَاعَدَنِي فَوَفَّى لِي. وَقَدْ تُوُفِّيَ فِي أَيَّامِ الصِّدِّيقِ سَنَةَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ تَزَوَّجَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِابْنَتِهِ أُمَامَةَ بِنْتِ أَبِي الْعَاصِ، بَعْدَ وَفَاةِ خَالَتِهَا فَاطِمَةَ، وَمَا أَدْرِي هَلْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ وَفَاةِ أَبِيهَا أَبِي الْعَاصِ أَوْ بَعْدَهُ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ.