مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الدُّنْيَا عَلَى فَرَسٍ أَبْلَقَ جَاءَنِي بِهِ جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ مِنْ سُنْدُسٍ» . وَمِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: «عَرَضَ عَلَيَّ رَبِّي لِيَجْعَلَ لِي بَطْحَاءَ مَكَّةَ ذَهَبًا فَقُلْتُ: لَا يَا رَبِّ، وَلَكِنْ أَشْبَعُ يَوْمًا وَأَجُوعُ يَوْمًا، فَإِذَا جُعْتُ تَضَرَّعْتُ إِلَيْكَ وَذَكَرْتُكَ وَإِذَا شَبِعْتُ حَمِدْتُكَ وَشَكَرْتُكَ» .
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فَإِنْ قِيلَ: سُلَيْمَانُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَ يَفْهَمُ كَلَامَ الطَّيْرِ وَالنَّمْلَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} [النمل: 16] الْآيَةَ [النَّمْلِ: 16] . وَقَالَ {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا} [النمل: 18] الْآيَةَ [النَّمْلِ: 18، 19] . قِيلَ: قَدْ أُعْطِيَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ وَأَكْثَرَ مِنْهُ، فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لِكَلَامِ الْبَهَائِمِ وَالسِّبَاعِ وَحَنِينِ الْجِذْعِ وَرُغَاءِ الْبَعِيرِ وَكَلَامِ الشَّجَرِ وَتَسْبِيحِ الْحَصَا وَالْحَجْرِ، وَدُعَائِهِ إِيَّاهُ وَاسْتِجَابَتِهِ لِأَمْرِهِ، وَإِقْرَارِ الذِّئْبِ بِنُبُوَّتِهِ، وَتَسْخِيرِ الطَّيْرِ لِطَاعَتِهِ، وَكَلَامِ الظَّبْيَةِ وَشَكْوَاهَا إِلَيْهِ، وَكَلَامِ الضَّبِّ وَإِقْرَارِهِ بِنُبُوَّتِهِ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ. كُلُّ ذَلِكَ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الْفُصُولِ بِمَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهِ. انْتَهَى كَلَامُهُ.