«بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَحَدِّثُوا عَنِّي وَلَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» . فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ الْمَسْكُوتِ عَنْهَا عِنْدَنَا، فَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا يُصَدِّقُهَا وَلَا مَا يُكَذِّبُهَا فَيَجُوزُ رِوَايَتُهَا لِلِاعْتِبَارِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَسْتَعْمِلُهُ فِي كِتَابِنَا هَذَا. فَأَمَّا مَا شَهِدَ لَهُ شَرْعُنَا بِالصِّدْقِ فَلَا حَاجَةَ بِنَا إِلَيْهِ اسْتِغْنَاءً بِمَا عِنْدَنَا، وَمَا شَهِدَ لَهُ شَرْعُنَا مِنْهَا بِالْبُطْلَانِ فَذَاكَ مَرْدُودٌ لَا يَجُوزُ حِكَايَتُهُ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ وَالْإِبْطَالِ، فَإِذَا كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَلَهُ الْحَمْدُ قَدْ أَغْنَانَا بِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سَائِرِ الشَّرَائِعِ، وَبِكِتَابِهِ عَنْ سَائِرِ الْكُتُبِ ; فَلَسْنَا نَتَرَامَى عَلَى مَا بِأَيْدِيهِمْ مِمَّا قَدْ وَقَعَ فِيهِ خَبْطٌ وَخَلْطٌ وَكَذِبٌ وَوَضْعٌ وَتَحْرِيفٌ وَتَبْدِيلٌ وَبَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ نَسْخٌ وَتَغْيِيرٌ، فَالْمُحْتَاجُ إِلَيْهِ قَدْ بَيَّنَهُ لَنَا رَسُولُنَا وَشَرَحَهُ وَأَوْضَحَهُ، عَرَفَهُ مَنْ عَرَفَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ كَمَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ خَبَرُ مَا قَبْلَكُمْ وَنَبَأُ مَا بَعْدَكُمْ وَحَكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، وَهُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ، وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَقَدْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا طَائِرٌ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أَذْكَرَنَا مِنْهُ عِلْمًا.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ بَدْءِ الْخَلْقِ وَرَوَى عِيسَى بْنُ مُوسَى غُنْجَارُ، عَنْ رَقَبَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ