: " تَسَلَّيْ ثَلَاثًا ". أَيْ تَصَبَّرِي ثَلَاثًا، وَهَذَا بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، ثَنَا الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ: «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَوْمَ الثَّالِثَ مِنْ قَتْلِ جَعْفَرٍ فَقَالَ: " لَا تُحِدِّي بَعْدَ يَوْمِكِ هَذَا» فَإِنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ أَحْمَدَ أَيْضًا، وَإِسْنَادُهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَكِنَّهُ مُشْكِلٌ إِنْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ، لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتِهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» فَإِنْ كَانَ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مَحْفُوظًا، فَتَكُونُ مَخْصُوصَةً بِذَلِكَ، أَوْ هُوَ أَمْرٌ بِالْمُبَالَغَةِ فِي الْإِحْدَادِ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا تَقَدَّمَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قُلْتُ: وَرَثَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ زَوْجَهَا بِقَصِيدَةٍ تَقُولُ فِيهَا:
فَآلَيْتُ لَا تَنْفَكُّ نَفْسِي حَزِينَةً ... عَلَيْكَ وَلَا يَنْفَكُّ جِلْدِيَ أَغْبَرَا
فَلَلَّهِ عَيْنَا مَنْ رَأَى مِثْلَهُ فَتًى ... أَكَرَّ وَأَحْمَى فِي الْهِيَاجِ وَأَصْبَرَا
ثُمَّ لَمْ تَنْشَبْ أَنِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَخَطَبَهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَتَزَوَّجَهَا، فَأَوْلَمَ، وَجَاءَ النَّاسُ لِلْوَلِيمَةِ، فَكَانَ فِيهِمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ