وَسَبْعِينَ سَنَةً وُلِدَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَنَاحُورُ، وَهَارَانُ، وَوُلِدَ لِهَارَانَ لُوطٌ. وَعِنْدَهُمْ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ الْأَوْسَطُ، وَأَنَّ هَارَانَ مَاتَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا، وَهِيَ أَرْضُ الْكَلْدَانِيِّينَ يَعْنُونَ أَرْضَ بَابِلَ. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ وَالتَّوَارِيخِ وَالْأَخْبَارِ، وَصَحَّحَ ذَلِكَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ بَعْدَمَا رَوَى مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنِ الْوَلِيدِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وُلِدَ إِبْرَاهِيمُ بِغُوطَةِ دِمَشْقَ فِي قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: بَرْزَةُ فِي جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ: قَاسِيُونَ. ثُمَّ قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ وُلِدَ بِبَابِلَ، وَإِنَّمَا نُسِبَ إِلَيْهِ هَذَا الْمَقَامُ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى فِيهِ إِذْ جَاءَ مُعِينًا لِلُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ. قَالُوا: فَتَزَوَّجَ إِبْرَاهِيمُ سَارَةَ، وَنَاحُورُ مَلْكَا ابْنَةَ هَارَانَ، يَعْنُونَ بِابْنَةِ أَخِيهِ. قَالُوا: وَكَانَتْ سَارَةُ عَاقِرًا لَا تَلِدُ. قَالُوا: وَانْطَلَقَ تَارَخُ بِابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ، وَامْرَأَتِهِ سَارَةَ، وَابْنِ أَخِيهِ لُوطِ بْنِ هَارَانَ، فَخَرَجَ بِهِمْ مِنْ أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ إِلَى أَرْضِ الْكَنْعَانِيِّينَ، فَنَزَلُوا حَرَّانَ، فَمَاتَ فِيهَا تَارَخُ وَلَهُ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ سَنَةً. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُولَدْ بِحَرَّانَ، وَإِنَّمَا مَوْلِدُهُ بِأَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ، وَهِيَ أَرْضُ بَابِلَ وَمَا وَالَاهَا. ثُمَّ ارْتَحَلُوا قَاصِدِينَ أَرْضَ الْكَنْعَانِيِّينَ، وَهِيَ بِلَادُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَأَقَامُوا بِحَرَّانَ، وَهِيَ أَرْضُ الْكَشْدَانِيِّينَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَكَذَلِكَ أَرْضُ الْجَزِيرَةِ وَالشَّامِ أَيْضًا، وَكَانُوا يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ، وَالَّذِينَ عَمَّرُوا مَدِينَةَ دِمَشْقَ كَانُوا عَلَى هَذَا الدِّينِ يَسْتَقْبِلُونَ الْقُطْبَ الشَّمَالِيَّ، وَيَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الْفَعَالِ وَالْمَقَالِ؛ وَلِهَذَا كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ دِمَشْقَ السَّبْعَةِ