قَالَ لَهُمْ: لَقَدْ ذَهَبْتُمْ فِيهَا عَرِيضَةً» .
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ أُحُدًا وَقَعَ فِيهَا أَشْيَاءُ مِمَّا وَقَعَ فِي بَدْرٍ مِنْهَا ; حُصُولُ النُّعَاسِ حَالَ الْتِحَامِ الْحَرْبِ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى طُمَأْنِينَةِ الْقُلُوبِ بِنَصْرِ اللَّهِ وَتَأْيِيدِهِ وَتَمَامِ تَوَكُّلِهَا عَلَى خَالِقِهَا وَبَارِئِهَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ} [الأنفال: 11] الْآيَةَ [الْأَنْفَالِ: 11] وَقَالَ هَاهُنَا: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ} [آل عمران: 154] يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ الْكُمَّلَ، كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ مِنَ السَّلَفِ: النُّعَاسُ فِي الْحَرْبِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالنُّعَاسُ فِي الصَّلَاةِ مِنَ النِّفَاقِ. وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَ هَذَا: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} [آل عمران: 154] الْآيَةَ [آلِ عِمْرَانَ: 154] .
وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَنْصَرَ يَوْمَ أُحُدٍ كَمَا اسْتَنْصَرَ يَوْمَ بِدْرٍ بِقَوْلِهِ: «إِنْ تَشَأْ لَا تُعْبَدُ فِي الْأَرْضِ» كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، وَعَفَّانُ قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يَقُولُ يَوْمَ أُحُدٍ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ إِنْ تَشَأْ لَا تُعْبَدُ فِي الْأَرْضِ» . وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ الشَّاعِرِ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِهِ.