فَصْلٌ
ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ مَنْ مَالَ إِلَى هَؤُلَاءِ الْأَضْدَادِ مِنَ الْيَهُودِ، مِنَ الْمُنَافِقِينَ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، فَمِنَ الْأَوْسِ، زُوَيُّ بْنُ الْحَارِثِ، وَجُلَاسُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ الصَّامِتِ الْأَنْصَارِيُّ، وَفِيهِ نَزَلَ: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ} [التوبة: 74] وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ: لَئِنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ صَادِقًا لَنَحْنُ شَرٌّ مِنَ الْحُمُرِ. فَنَمَاهَا ابْنُ امْرَأَتِهِ عُمَيْرُ بْنُ سَعْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْكَرَ الْجُلَاسُ ذَلِكَ وَحَلِفَ مَا قَالَ، فَنَزَلَ فِيهِ ذَلِكَ. قَالَ: وَقَدْ زَعَمُوا أَنَّهُ تَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ حَتَّى عُرِفَ مِنْهُ الْإِسْلَامُ وَالْخَيْرُ. قَالَ: وَأَخُوهُ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ الْمُجَذَّرَ بْنَ ذِيَادٍ الْبَلَوِيَّ، وَقَيْسَ بْنَ زَيْدٍ أَحَدَ بَنِي ضُبَيْعَةَ يَوْمَ أُحُدٍ، خَرَجَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ مُنَافِقًا فَلَمَّا الْتَقَى النَّاسُ، عَدَا عَلَيْهِمَا فَقَتَلَهُمَا، ثُمَّ لَحِقَ بِقُرَيْشٍ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَكَانَ الْمُجَذَّرُ قَدْ قَتَلَ أَبَاهُ سُوَيْدَ بْنَ الصَّامِتِ فِي بَعْضِ حُرُوبِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَخَذَ بِثَأْرِ أَبِيهِ مِنْهُ يَوْمَ أُحُدٍ. كَذَا قَالَ ابْنُ هِشَامٍ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ الَّذِي قَتَلَ سُوَيْدَ بْنَ الصَّامِتِ إِنَّمَا هُوَ مُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ، قَتْلَهُ فِي غَيْرِ حَرْبٍ، قَبْلَ يَوْمِ بُعَاثٍ، رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ. وَأَنْكَرَ ابْنُ هِشَامٍ أَنْ يَكُونَ