قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1]
[الْفَجْرِ: 2، 1] . هُوَ الْمُحَرَّمُ فَجْرُ السَّنَةِ. وَرَوَى عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: إِنَّ الْمُحَرَّمَ شَهْرُ اللَّهِ، وَهُوَ رَأْسُ السَّنَةِ، يُكْسَى بِهِ الْبَيْتُ، وَيُؤَرِّخُ بِهِ النَّاسُ، وَيُضْرَبُ فِيهِ الْوَرِقُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ أَرَّخَ الْكُتُبَ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ بِالْيَمَنِ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَإِنَّ النَّاسَ أَرَّخُوا لِأَوَّلِ السَّنَةِ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُمَا قَالَا: أَرَّخَ بَنُو إِسْمَاعِيلَ مِنْ نَارِ إِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ أَرَّخُوا مِنْ بُنْيَانِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ الْبَيْتَ، ثُمَّ أَرَّخُوا مِنْ مَوْتِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، ثُمَّ أَرَّخُوا مِنَ الْفِيلِ، ثُمَّ أَرَّخَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَذَلِكَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْفَصْلَ مُحَرَّرًا بِأَسَانِيدِهِ وَطُرُقِهِ فِي " السِّيرَةِ الْعُمَرِيَّةِ ". وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُمْ جَعَلُوا ابْتِدَاءَ التَّارِيخِ الْإِسْلَامِيِّ مِنْ سَنَةِ الْهِجْرَةِ، وَجَعَلُوا أَوَّلَهَا مِنَ الْمُحَرَّمِ، فِيمَا اشْتُهِرَ عَنْهُمْ، وَهَذَا هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْأَئِمَّةِ.
وَحَكَى السُّهَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنِ الْإِمَامِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: أَوَّلُ السَّنَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ