لِلصَّلَاةِ، وَتَنَجَّسَ وَتَقَذَّرَ أَوْرَدَهَا أَبُو شَامَةَ. وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ عَنْ قَوْلِهِ: يَتَحَنَّثُ أَيْ يَتَعَبَّدُ. فَقَالَ: لَا أَعْرِفُ هَذَا، إِنَّمَا هُوَ يَتَحَنَّفُ، مِنَ الْحَنِيفِيَّةِ دِينِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ: التَّحَنُّثُ، وَالتَّحَنُّفُ. يُبْدِلُونَ الْفَاءَ مِنَ الثَّاءِ، كَمَا قَالُوا: جَدَثَ، وَجَدَفَ. كَمَا قَالَ رُؤْبَةُ:
لَوْ كَانَ أَحْجَارِي مَعَ الْأَجْدَافِ
يُرِيدُ الْأَجْدَاثَ. قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ أَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ: " فُمَّ ". فِي مَوْضِعِ " ثُمَّ ". قُلْتُ: وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَفُومِهَا} [البقرة: 61] أَنَّ الْمُرَادَ ثُومُهَا.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَعَبُّدِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَبْلَ الْبَعْثَةِ، هَلْ كَانَ عَلَى شَرْعٍ أَمْ لَا؟ وَمَا ذَلِكَ الشَّرْعُ؟ فَقِيلَ: شَرْعُ نُوحٍ. وَقِيلَ: شَرْعُ إِبْرَاهِيمَ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ الْأَقْوَى. وَقِيلَ: مُوسَى. وَقِيلَ: عِيسَى. وَقِيلَ: كُلُّ مَا ثَبَتَ أَنَّهُ شَرْعٌ عِنْدَهُ اتَّبَعَهُ وَعَمِلَ بِهِ. وَلِبَسْطِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ وَمُنَاسَبَاتِهَا مَوَاضِعُ أُخَرُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهُوَ بِغَارِ حِرَاءٍ. أَيْ جَاءَ بَغْتَةً عَلَى غَيْرِ مَوْعِدٍ،