قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحُدِّثْتُ أَنَّهُمْ وَجَدُوا فِي الْمَقَامِ كِتَابًا فِيهِ: مَكَّةُ اللَّهِ الْحَرَامُ، يَأْتِيهَا رِزْقُهَا مِنْ ثَلَاثَةِ سُبُلٍ لَا يَحِلُّهَا أَوَّلُ مِنْ أَهْلِهَا. قَالَ: وَزَعَمَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ أَنَّهُمْ وَجَدُوا فِي الْكَعْبَةِ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْبَعِينَ سَنَةً - إِنْ كَانَ مَا ذُكِرَ حَقًّا - مَكْتُوبًا فِيهِ: مَنْ يَزْرَعْ خَيْرًا يَحْصُدْ غِبْطَةً، وَمَنْ يَزْرَعْ شَرًّا يَحْصُدْ نَدَامَةً، تَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ وَتُجْزَوْنَ الْحَسَنَاتِ! أَجَلْ كَمَا يُجْتَنَى مِنَ الشَّوْكِ الْعِنَبُ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ: حَدَّثَنَا مُعَمَّرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّقِّيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ الزُّهْرِيِّ يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وُجِدَ فِي الْمَقَامِ ثَلَاثَةُ أَصْفُحٍ; فِي الصَّفْحِ الْأَوَّلِ: إِنِّي أَنَا اللَّهُ ذُو بَكَّةَ صَنَعْتُهَا يَوْمَ صَنَعْتُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، وَحَفَفْتُهَا بِسَبْعَةِ أَمْلَاكٍ حُنَفَاءَ، وَبَارَكْتُ لِأَهْلِهَا فِي اللَّحْمِ وَاللَّبَنِ. وَفِي الصَّفْحِ الثَّانِي: إِنِّي أَنَا اللَّهُ ذُو بَكَّةَ خَلَقْتُ الرَّحِمَ، وَشَقَقْتُ لَهَا مِنِ اسْمِي فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ. وَفِي الصَّفْحِ الثَّالِثِ: إِنِّي أَنَا اللَّهُ ذُو بَكَّةَ خَلَقْتُ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ وَقَدَّرْتُهُ فَطُوبَى لِمَنْ أَجْرَيْتُ الْخَيْرَ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ أُجْرَيْتُ الشَّرَّ عَلَى يَدَيْهِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ إِنَّ الْقَبَائِلَ مِنْ قُرَيْشٍ جَمَعَتِ الْحِجَارَةَ لِبِنَائِهَا كُلُّ