النِّسْيَانُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلَبِثَ يُوسُفُ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَهُ: {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} [يوسف: 45] . أَيْ: تَذَكَّرَ قَوْلَ يُوسُفَ لَهُ: اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ. بَعْدَ مُدَّةٍ وَقُرِئَ: " بَعْدَ أَمَهٍ " أَيْ نِسْيَانٍ، وَهَذَا الَّذِي قُلْنَا مِنْ أَنَّ النَّاسِيَ هُوَ السَّاقِي هُوَ الصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ، كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي التَّفْسِيرِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ سَمِعْتُ أَبَا تَمِيمَةَ يُحَدِّثُ «عَنْ رَدِيفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: عَثَرَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارُهُ فَقُلْتُ: تَعِسَ الشَّيْطَانُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ: تَعِسَ الشَّيْطَانُ تَعَاظَمَ، وَقَالَ: بِقُوَّتِي صَرَعْتُهُ. وَإِذَا قُلْتَ: بِسْمِ اللَّهِ. تَصَاغَرَ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الذُّبَابِ» . تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ، وَهُوَ إِسْنَادٌ جَيِّدٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ جَاءَ الشَّيْطَانُ فَأَبَسَّ بِهِ كَمَا يَبُسُّ الرَّجُلُ بِدَابَّتِهِ فَإِذَا سَكَنَ لَهُ زَنَقَهُ أَوْ أَلْجَمَهُ» . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَأَنْتُمْ تَرَوْنَ ذَلِكَ ; أَمَّا الْمَزْنُوقُ فَتَرَاهُ مَائِلًا كَذَا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ، وَأَمَّا الْمُلْجِمُ فَفَاتِحٌ فَاهُ لَا يَذْكُرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ،