أَوْرَدْنَا كَثِيرًا مِنْهَا بِأَسَانِيدِهَا وَمُتُونِهَا فِيمَا تَقَدَّمَ.
فَصْلٌ
وَثَبَتَ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ "، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ يَسْبِقُونَ الْأَغْنِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الْجَنَّةِ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا» ". وَكَذَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ، مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَصَحَّحَهُ، وَأَنَسٍ وَاسْتَغْرَبَهُ، وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَصَحَّحَهُ وَأَبِي سَعِيدٍ وَحَسَّنَهُ: " بِنِصْفِ يَوْمٍ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ". وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا كُلُّهُ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ هَذَا مَحْفُوظًا كَمَا صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ دُخُولِ أَوَّلِ الْفُقَرَاءِ وَآخِرِ الْأَغْنِيَاءِ، وَتَكُونُ الْأَرْبَعُونَ خَرِيفًا بِاعْتِبَارِ مَا بَيْنَ دُخُولِ آخِرِ الْفُقَرَاءِ وَأَوَّلِ الْأَغْنِيَاءِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الْقُرْطُبِيُّ فِي " التَّذْكِرَةِ، حَيْثُ قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْفُقَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ. يُشِيرُ إِلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.