قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: بَابُ جَهْلِ الْعَرَبِ: حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِذَا سَرَّكَ أَنْ تَعْلَمَ جَهْلَ الْعَرَبِ فَاقْرَأْ مَا فَوْقَ الثَّلَاثِينَ وَمِائَةٍ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [الأنعام: 140] وَقَدْ ذَكَرْنَا تَفْسِيرَ هَذِهِ الْآيَةِ وَمَا كَانُوا ابْتَدَعُوهُ مِنَ الشَّرَائِعِ الْبَاطِلَةِ الْفَاسِدَةِ الَّتِي ظَنَّهَا كَبِيرُهُمْ عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ - قَبَّحَهُ اللَّهُ - مَصْلَحَةً وَرَحْمَةً بِالدَّوَابِّ وَالْبَهَائِمِ وَهُوَ كَاذِبٌ مُفْتَرٍ فِي ذَلِكَ، وَمَعَ هَذَا الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ اتَّبَعَهُ هَؤُلَاءِ الْجَهَلَةُ الطَّغَامُ فِيهِ بَلْ قَدْ تَابَعُوهُ فِيمَا هُوَ أَطَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَأَعْظَمُ بِكَثِيرٍ وَهُوَ عِبَادَةُ الْأَوْثَانِ مَعَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَبَدَّلُوا مَا كَانَ اللَّهُ بَعَثَ بِهِ ابْرَاهِيمَ خَلِيلَهُ مِنَ الدِّينِ الْقَوِيمِ وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ مِنْ تَوْحِيدِ عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَتَحْرِيمِ الشِّرْكِ، وَغَيَّرُوا شَعَائِرَ الْحَجِّ، وَمَعَالِمَ الدِّينِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا بُرْهَانٍ وَلَا دَلِيلٍ صَحِيحٍ وَلَا ضَعِيفٍ، وَاتَّبَعُوا فِي ذَلِكَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ الْمُشْرِكِينَ، وَشَابَهُوا قَوْمَ نُوحٍ كَانُوا أَوَّلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ، وَعَبَدَ الْأَصْنَامَ، وَلِهَذَا بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ نُوحًا وَكَانَ أَوَّلَ رَسُولٍ بُعِثَ يَنْهَى عَنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي قِصَّةِ نُوحٍ {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا} [نوح: 23]
[نُوحٍ: 23، 24] الْآيَةَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ هَؤُلَاءِ قَوْمًا صَالِحِينَ فِي