بِبَصَرِ الْبَصِيرِ، وَيَقُولُ الْمُنَافِقُونَ لِلَّذِينِ آمَنُوا {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} [الحديد: 13] وَهَى خُدْعَةُ اللَّهِ، سُبْحَانَهُ، الَّتِي خَدَعَ بِهَا الْمُنَافِقِينَ، حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142] ، فَيَرْجِعُونَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي قُسِمَ فِيهِ النُّورُ، فَلَا يَجِدُونَ شَيْئًا، فَيَنْصَرِفُونَ إِلَيْهِمْ، وَقَدْ ضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ {بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد: 13] الْآيَةُ. يَقُولُ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ: فَمَا يَزَالُ الْمُنَافِقُ مُغْتَرًّا حَتَّى يُقَسَمَ النُّورُ، وَيُمَيِّزَ اللَّهُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْمُنَافِقِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَيْوَةَ، حَدَّثَنَا أَرْطَاةُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: تُبْعَثُ ظُلْمَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ، وَلَا كَافِرٍ، يَرَى كَفَّهُ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ بِالنُّورِ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، فَيَتْبَعُهُمُ الْمُنَافِقُونَ، فَيَقُولُونَ: انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ.
وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد: 13] . قَالَا: هُوَ حَائِطٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ. وَقَالَ ابْنُ أَسْلَمَ " هُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ} [الأعراف: 46] . وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَكَعْبِ