طَرِيقَةِ وَالِدِهِ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَكَانَ مُدَرِّسًا بِالصَّدْرِيَّةِ، وَالتَّدْمُرِيَّةِ، وَلَهُ تَصْدِيرٌ بِالْجَامِعِ، وَخَطَابَةٌ بِجَامِعِ ابْنِ خِلِّيخَانَ، وَتَرَكَ مَالًا جَزِيلًا يُقَارِبُ الْمِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ.

ثُمَّ دَخَلَ شَهْرُ صَفَرٍ وَأَوَّلُهُ الْجُمُعَةُ، أَخْبَرَنِي بَعْضُ عُلَمَاءِ السِّيَرِ أَنَّهُ اجْتَمَعَ فِي هَذَا الْيَوْمِ - مُسْتَهَلِّ هَذَا الشَّهْرِ - الْكَوَاكِبُ السَّبْعَةُ سِوَى الْمِرِّيخِ فِي بُرْجِ الْعَقْرَبِ، وَلَمْ يَتَّفِقْ مِثْلُ هَذَا مِنْ سِنِينَ مُتَطَاوِلَةٍ، فَأَمَّا الْمِرِّيخُ فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ سَبَقَ إِلَى بُرْجِ الْقَوْسِ.

فِيهِ وَوَرَدَتِ الْأَخْبَارُ بِمَا وَقَعَ مِنَ الْأَمْرِ الْفَظِيعِ بِمَدِينَةِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ مِنَ الْفِرِنْجِ، لَعَنَهُمُ اللَّهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ، وَصَلُوا إِلَيْهَا فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ، فَلَمْ يَجِدُوا بِهَا نَائِبًا، وَلَا جَيْشًا، وَلَا حَافِظًا لِلْبَحْرِ، وَلَا نَاصِرًا، فَدَخَلُوهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بُكْرَةَ النَّهَارِ بَعْدَ مَا حَرَقُوا أَبْوَابًا كَبِيرَةً مِنْهَا، وَعَاثُوا فِي أَهْلِهَا فَسَادًا; يَقْتُلُونَ الرِّجَالَ، وَيَأْخُذُونَ الْأَمْوَالَ، وَيَأْسِرُونَ النِّسَاءَ وَالْأَطْفَالَ، فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ، وَأَقَامُوا بِهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالسَّبْتِ، وَالْأَحَدِ، وَالِاثْنَيْنِ، وَالثُّلَاثَاءِ، فَلَمَّا كَانَ صَبِيحَةُ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ قَدِمَ الشَّالِيشُ الْمِصْرِيُّ، فَأَقْلَعَتِ الْفِرَنْجُ - لَعَنَهُمُ اللَّهُ - عَنْهَا وَقَدْ أَسَرُوا خَلْقًا كَثِيرًا يُقَارِبُونَ الْأَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَأَخَذُوا مِنَ الْأَمْوَالِ ذَهَبًا، وَحَرِيرًا، وَبُهَارًا، وَغَيْرَ ذَلِكَ مَا لَا يُحَدُّ وَلَا يُوَصَفُ، وَقَدِمَ السُّلْطَانُ وَالْأَمِيرُ الْكَبِيرُ يَلْبُغَا ظُهْرَ يَوْمَئِذٍ، وَقَدْ تَفَارَطَ الْحَالُ، وَتَحَوَّلَتِ الْغَنَائِمُ كُلُّهَا إِلَى الشَّوَانِي بِالْبَحْرِ، فَسُمِعَ لِلْأَسَارَى مِنَ الْعَوِيلِ وَالْبُكَاءِ وَالشَّكْوَى وَالْجَأْرِ إِلَى اللَّهِ وَالِاسْتِغَاثَةِ بِهِ وَبِالْمُسْلِمِينَ - مَا قَطَّعَ الْأَكْبَادَ، وَذَرَفَتْ لَهُ الْعُيُونُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015