ضُرِبَ الثَّانِيَةَ لَعَنَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَالْتَهَمَهُ الْعَامَّةُ فَأَوْسَعُوهُ ضَرْبًا مُبَرِّحًا بِحَيْثُ كَادَ يَهْلِكُ، فَجَعَلَ الْقَاضِي يَسْتَكِفُّهُمْ عَنْهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ ذَلِكَ، فَجَعَلَ الرَّافِضِيُّ يَسُبُّ وَيَلْعَنُ الصَّحَابَةَ، وَقَالَ: كَانُوا عَلَى الضَّلَالَةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ حُمِلَ إِلَى نَائِبِ السَّلْطَنَةِ، وَشَهِدَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بِأَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الضَّلَالَةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ حَكَمَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِإِرَاقَةِ دَمِهِ، فَأُخِذَ إِلَى ظَاهِرِ الْبَلَدِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ، وَأَحْرَقَتْهُ الْعَامَّةُ، قَبَّحَهُ اللَّهُ، وَكَانَ مِمَّنْ يَقْرَأُ بِمَدْرَسَةِ أَبِي عُمَرَ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ الرَّفْضُ، فَسَجَنَهُ الْحَنْبَلِيُّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَلَمْ يَنْفَعْ ذَلِكَ، وَمَا زَالَ يُصَرِّحُ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ يَأْمُرُ فِيهِ بِالسَّبِّ حَتَّى كَانَ يَوْمُهُ هَذَا أَظْهَرَ مَذْهَبَهُ فِي الْجَامِعِ، وَكَانَ سَبَبَ قَتْلِهِ، قَبَّحَهُ اللَّهُ كَمَا قَبَّحَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ، وَقُتِلَ كَقَتْلِهِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ.
وَفِي آخِرِ هَذَا الْيَوْمِ - أَعْنِي يَوْمَ الْخَمِيسَ ثَامِنَ عَشَرَهُ - حَكَمَ أَقْضَى الْقُضَاةِ وَلِيُّ الدِّينِ ابْنُ قَاضِي الْقُضَاةِ بَهَاءُ الدِّينِ أَبِي الْبَقَاءِ بِالْمَدْرَسَةِ الْعَادِلِيَّةِ الْكَبِيرَةِ نِيَابَةً عَنْ قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجِ الدِّينِ مَعَ اسْتِنَابَةِ أَقَضَى الْقُضَاةِ شَمْسِ الدِّينِ الْعِزِّيِّ،