وَأَخْبَرَ قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجُ الدِّينِ بِمَوْتِ حُسَيْنٍ ابْنِ الْمَلِكِ النَّاصِرِ، وَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْ بَنِيهِ لِصُلْبِهِ سِوَاهُ، فَفَرِحَ بِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَكِبَارِ الدَّوْلَةِ; لِمَا كَانَ فِيهِ مِنْ حِدَّةٍ، وَارْتِكَابِ أُمُورٍ مُنْكَرَةٍ.
وَأَخْبَرَ بِمَوْتِ الْقَاضِي فَخْرِ الدِّينِ سُلَيْمَانَ ابْنِ الْقَاضِي فَخْرِ الدِّينِ سُلَيْمَانَ ابْنِ الْقَاضِي عِمَادِ الدِّينِ بْنِ الشَّيْرَجِيِّ، وَكَانَ قَدِ اتَّفَقَ لَهُ مِنَ الْأَمْرِ أَنَّهُ قُلِّدَ حِسْبَةَ دِمَشْقَ عِوَضًا عَنْ أَبِيهِ; نَزَلَ لَهُ عَنْهَا بِاخْتِيَارِهِ لِكِبَرِهِ وَضَعْفِهِ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَرْكَبَ عَلَى الْبَرِيدِ، فَتَمَرَّضَ يَوْمًا، وَثَانِيًا، وَتُوُفِّيَ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَتَأَلَّمَ وَالِدُهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ تَأَلُّمًا عَظِيمًا، وَعَزَاهُ النَّاسُ فِيهِ، وَوَجَدْتُهُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا بَاكِيًا مُسْتَرْجِعًا مُتَوَجِّعًا.
مَعَ وِلَايَةِ الصَّاحِبِ سَعْدِ الدِّينِ مَاجِدِ بْنِ التَّاجِ إِسْحَاقَ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ عَلَى نَظَرِ الدَّوَاوِينِ بِالشَّامِ الْمَحْرُوسِ، وَرُبَّمَا خُوطِبَ بِالْوِزَارَةِ عِوَضًا عَنِ الْبَدْرِ حَسَنِ بْنِ النَّابُلُسِيِّ الَّذِي كَانَ نَاظِرَ الدَّوَاوِينِ قَبْلَهُ، فَفَرِحَ النَّاسُ بِوِلَايَةِ هَذَا وَقُدُومِهِ، وَبِعَزْلِ الْأَوَّلِ وَانْصِرَافِهِ عَنِ الْبَلَدِ فَرَحًا شَدِيدًا، وَمَعَهُ مَرْسُومٌ شَرِيفٌ بِوَضْعِ نِصْفِ