وَتُوُفِّيَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُمَرَ الْحَمَوِيُّ، أَحَدُ مَشَايِخِ الرُّوَاةِ، فِي لَيْلَةِ الثُّلَاثَاءِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ مِنَ الْغَدِ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَدُفِنَ بِمَقَابِرَ بَابِ الصَّغِيرِ. وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي ثَانِيَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، فَجَمَعَ الْكَثِيرَ، وَتَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، وَانْقَطَعَ بِمَوْتِهِ سَمَاعُ " السُّنَنِ الْكَبِيرِ " لِلْبَيْهَقِيِّ. رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَوَقَعَ حَرِيقٌ عَظِيمٌ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ خَامِسَ عَشَرَ رَجَبٍ بِمَحَلَّةِ الصَّالِحِيَّةِ مِنْ سَفْحِ قَاسِيُونَ، فَاحْتَرَقَ السُّوقُ الْقِبْلِيُّ مِنْ جَامِعِ الْحَنَابِلَةِ بِكَمَالِهِ شَرْقًا وَغَرْبًا، وَجَنُوبًا وَشَمَالًا، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ خَامِسِ شَهْرِ رَمَضَانَ خُطِبَ بِالْجَامِعِ الَّذِي أَنْشَاهُ سَيْفُ الدِّينِ يَلْبُغَا النَّاصِرِيُّ غَرْبِيَّ سُوقِ الْخَيْلِ، وَفُتِحَ فِي هَذَا الْيَوْمِ، وَجَاءَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالْبَهَاءِ، وَخَطَبَ الشَّيْخُ نَاصِرُ الدِّينِ بْنُ الرَّبْوَةِ الْحَنَفِيُّ، وَكَانَ قَدْ نَازَعَهُ فِيهِ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ الشَّافِعِيُّ الْمَوْصِلَيُّ، وَأَظْهَرَ وِلَايَةً مِنْ وَاقِفِهِ يَلْبُغَا الْمَذْكُورِ، وَمَرَاسِيمَ شَرِيفَةً سُلْطَانِيَّةً، وَلَكِنْ قَدْ قَوِيَ عَلَيْهِ ابْنُ الرَّبْوَةِ ; بِسَبَبِ أَنَّهُ نَائِبٌ عَنِ الشَّيْخِ قَوَامِ الدِّينِ الْإِتْقَانِيِّ الْحَنَفِيِّ، وَهُوَ مُقِيمٌ بِمِصْرَ، وَمَعَهُ وِلَايَةٌ مِنَ السُّلْطَانِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ وِلَايَةِ الْمَوْصِلِيِّ، فَرُسِمَ لِابْنِ الرَّبْوَةِ، فَلَبِسَ يَوْمَئِذٍ الْخِلْعَةَ السَّوْدَاءَ مِنْ دَارِ السَّعَادَةِ، وَجَاءُوا بَيْنَ يَدَيْهِ بِالسَّنَاجِقِ السُّودِ الْخَلْيِفَتِيَّةِ، وَالْمُؤَذِّنُونَ يُكَبِّرُونَ عَلَى الْعَادَةِ، وَخَطَبَ يَوْمَئِذٍ خُطْبَةً حَسَنَةً، أَكْثَرُهَا فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ، وَقَرَأَ فِي