فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنَ الْأَرَاجِيفِ أَنَّهُمْ عَلَى عَزْمِ نَهْبِ الْبَلَدِ، فَجَعَلَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يُودِعُونَ عَزِيزَ مَا يَمْلِكُونَ عِنْدَ مَنْ يَأْمَنُونَ، وَاشْتَدَّ الْحَالُ جَدَّا، وَخَافَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَوْ أَكْثَرُهُمْ مِنَ الْعَارِ; لِمَا يَبْلُغُهُمْ عَنْهُمْ مِنَ الْفُجُورِ بِالنِّسَاءِ، وَجَعَلُوا يَدْعُونَ عَقِيبَ الصَّلَوَاتِ عَلَيْهِمْ، يُصَرِّحُونَ بِأَسْمَائِهِمْ، وَيُعَقِّبُونَ بِأَسْمَاءِ أُمَرَائِهِمْ وَأَتْبَاعِهِمْ، وَنَائِبُ الْقَلْعَةِ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ أَيَاجِي النَّاصِرِيُّ فِي كُلِّ وَقْتٍ يُسَكِّنُ جَأْشَ النَّاسِ، وَيُقَوِّي عَزْمَهُمْ، وَيُبَشِّرُهُمْ بِخُرُوجِ الْعَسَاكِرِ الْمَنْصُورَةِ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ صُحْبَةَ السُّلْطَانِ إِلَى بِلَادِ غَزَّةَ حَيْثُ الْجَيْشُ الدِّمَشْقِيُّ، لِيَجِيئُوا كُلُّهُمْ فِي خِدْمَتِهِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ، وَتَدُقُّ الْبَشَائِرُ فَيَفْرَحُ النَّاسُ، ثُمَّ تَسْكُنُ الْأَخْبَارُ، وَتَبْطُلُ الرِّوَايَاتُ فَتَقْلَقُ، وَيَخْرُجُونَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَسَاعَةٍ فِي تَجَمُّلٍ عَظِيمٍ، وَوَعْدٍ، وَهَيْئَاتٍ حَسَنَةٍ، ثُمَّ جَاءَ السُّلْطَانُ - أَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَدْ تَرَجَّلَ الْأُمَرَاءُ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ حِينِ بُسِطَ لَهُ عِنْدَ مَسْجِدِ الذِّبَّانِ إِلَى دَاخِلِ الْقَلْعَةِ الْمَنْصُورَةِ، وَهُوَ لَابِسٌ قَبَاءً أَحْمَرَ لَهُ قِيمَتُهُ، عَلَى فَرَسٍ أَصِيلَةٍ مُؤَدَّبَةٍ مُعَلَّمَةٍ الْمَشْيَ عَلَى الْقَوْسِ لَا تَحِيدُ عَنْهُ، وَهُوَ حَسَنُ الصُّورَةِ، مَقْبُولُ الطَّلْعَةِ، عَلَيْهِ بَهَاءُ الْمَمْلَكَةِ وَالرِّيَاسَةِ، وَالْخَزُّ فَوْقَ رَأْسِهِ يَحْمِلُهُ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ الْأَكَابِرِ، وَكُلَّمَا عَايَنَهُ مَنْ عَايَنَهُ مِنَ النَّاسِ يَبْتَلِهُونَ بِالدُّعَاءِ بِأَصْوَاتٍ عَالِيَةٍ، وَالنِّسَاءُ بِالزَّغْرَطَةِ، وَفَرِحَ النَّاسُ فَرَحًا