بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، وَهُوَ الَّذِي بَنَاهُ، وَكَانَ بِنَاؤُهُ لَهُ قَبْلَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، بَلْ قَبْلَ ثَمُودَ وَهُودٍ أَيْضًا، عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي " تَارِيخِهِ " وَغَيْرُهُ، وَكَانَ فَوْقَهُ حِصْنٌ عَظِيمٌ، وَقَصْرٌ مُنِيفٌ، وَيُقَالُ: بَلْ هُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى اسْمِ الْمَارِدِ الَّذِي بَنَاهُ لِسُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَانَ اسْمُ ذَلِكَ الْمَارِدِ جَيْرُونَ. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَأَشْهَرُ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ لِهَذَا الْبَابِ مِنَ الْمُدَدِ الْمُتَطَاوِلَةِ مَا يُقَارِبُ خَمْسَةَ آلَافِ سَنَةٍ، ثُمَّ كَانَ انْجِعَافُ هَذَا الْبَابِ لَا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، بَلْ بِالْأَيْدِي الْعَادِيَةِ عَلَيْهِ; بِسَبَبِ مَا نَالَهُ مِنْ شَوْظِ حَرِيقٍ اتَّصَلَ إِلَيْهِ مِنْ حَرِيقٍ وَقَعَ إِلَى جَانِبِهِ فِي صَبِيحَةِ لَيْلَةِ الِاثْنَيْنِ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ صَفَرٍ، سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ، فَتَبَادَرَ دِيوَانُ الْجَامِعِ فَفَرَّقُوا شَمْلَهُ، وَقَضَمُوا ثَمْلَهُ، وَعَرَّوْا جِلْدَهُ النُّحَاسَ عَنْ بَدَنِهِ الَّذِي هُوَ مِنْ خَشَبِ الصَّنَوْبَرِ الَّذِي كَأَنَّ الصَّانِعَ قَدْ فَرَغَ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، وَقَدْ شَاهَدْتُ الْفُئُوسَ تَعْمَلُ فِيهِ وَلَا تَكَادُ تُحِيلُ فِيهِ إِلَّا بِمَشَقَّةٍ، فَسُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الَّذِينَ بَنَوْهُ أَوَّلًا، ثُمَّ قَدَّرَ أَهْلَ هَذَا الزَّمَانِ عَلَى أَنْ هَدَمُوهُ آخِرًا بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَدِ الْمُتَطَاوِلَةِ، وَالْأُمَمِ الْمُتَدَاوَلَةِ، وَلَكِنْ: {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} [الرعد: 38]