صِنْدِيدٍ مَنْ رَحَّلَهُ وَرِجَالَهُ، وَاسْتَصْحَبُوا مَعَهُمْ طُفَيْلًا الَّذِي كَانَ حَاصَرَ الْمَدِينَةَ النَّبَوِيَّةَ فِي الْعَامِ الْمَاضِي، وَقَيَّدُوهُ أَيْضًا، وَجَعَلُوا الْغُلَّ فِي عُنُقِهِ، وَاسْتَاقُوهُ كَمَا يُسْتَاقُ الْأَسِيرُ فِي وَثَاقِهِ مَصْحُوبًا بِهَمِّهِ، وَحَتْفِهِ، وَانْشَمَرُوا عَنْ تِلْكَ الْبِلَادِ إِلَى دِيَارِهِمْ رَاجِعِينَ، وَقَدْ فَعَلُوا فَعْلَةً تُذْكَرُ بَعْدَهُمْ إِلَى حِينٍ.
وَدَخَلَ الرَّكْبُ الشَّامِيُّ إِلَى دِمَشْقَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ عَلَى الْعَادَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ، وَالْقَاعِدَةِ الْمُسْتَقِرَّةِ.
وَفِي هَذَا الْيَوْمِ قَدِمَتِ الْبَرِيدِيَّةُ مِنْ تِلْقَاءِ مَدِينَةِ صَفَدَ مُخْبِرَةً بِأَنَّ الْأَمِيرَ شِهَابَ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنَ مُشِدِّ الشُّرْبَخَانَاهْ، الَّذِي كَانَ قَدْ تَمَرَّدَ بِهَا، وَطَغَى، وَبَغَى حَتَّى اسْتَحْوَزَ عَلَيْهَا، وَقَطَعَ سُبُلَهَا، وَقَتَلَ الْفُرْسَانَ وَالرَّجَّالَةَ، وَمَلَأَهَا أَطْعِمَةً وَأَسْلِحَةً، وَمَمَالِيكَهُ وَرِجَالَهُ، فَعِنْدَمَا تَحَقَّقَ مَسْكُ بَيْبُغَا آرُوسَ خَضَعَتْ تِلْكَ النُّفُوسُ، وَخَمَدَتْ نَارُهُ، وَسَكَنَ شَرَارُهُ، وَأُخِذَ بِنَارِهِ، وَوَضَحَ قَرَارُهُ، وَأَنَابَ إِلَى التَّوْبَةِ وَالْإِقْلَاعِ، وَرَغِبَ إِلَى السَّلَامَةِ وَالْإِخْلَاصِ، وَخَضَعَ وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ، وَأَرْسَلَ سَيْفَهُ إِلَى السُّلْطَانِ، ثُمَّ تَوَجَّهَ بِنَفْسِهِ عَلَى الْبَرِيدِ إِلَى حَضْرَةِ الْمَلِكِ النَّاصِرِ، وَاللَّهُ الْمَسْئُولُ أَنْ يُحَنِّنَهُ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُقْبِلَ بِقَلْبِهِ إِلَيْهِ.
وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ خَامِسِ صَفَرٍ قَدِمَ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ أَرْغُونُ الْكَامِلِيُّ مُعَادًا إِلَى نِيَابَةِ حَلَبَ، وَفِي صُحْبَتِهِ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ طَشْبُغَا الدَّوَادَارِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَهُوَ زَوْجُ ابْنَةِ نَائِبِ الشَّامِ، فَتَلَقَّاهُ نَائِبُ الشَّامِ وَأَعْيَانُ