الْأَخْضَرَ مُسِكَ، فَتَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْ هَذِهِ الْكَائِنَةِ كَثِيرًا، فَخَرَجَ مَنْ بِدِمَشْقَ مِنْ أَعْيَانِ الْأُمَرَاءِ إِلَى الْحَاجِّ أَلْمَلَكَ، وَقَدْ خَيَّمَ بِوَطْأَةِ بُرْزَةَ، فَأَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ، وَأَمَّرُوهُ عَنْ مَرْسُومِ السُّلْطَانِ أَنْ يَنُوبَ بِدِمَشْقَ حَتَّى يَأْتِيَ الْمَرْسُومُ بِمَا يَعْتَمِدُونَهُ، فَأَجَابَ إِلَى ذَلِكَ، وَرَكِبَ فِي الْمَوْكِبِ يَوْمَ السَّبْتِ السَّادِسَ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ، وَأَمَّا الْفَخْرِيُّ فَإِنَّهُ لَمَّا تَنَسَّمَ هَذَا الْخَبَرَ وَتَحَقَّقَهُ وَهُوَ بِالزَّعْقَةِ، فَرَّ فِي طَائِفَةٍ مِنْ مَمَالِيكِهِ قَرِيبٍ مِنْ سِتِّينَ أَوْ أَكْثَرَ، فَاخْتَرَقَ وَسَاقَ سَوْقًا حَثِيثًا، وَجَاءَهُ الطَّلَبُ مِنْ وَرَائِهِ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي نَحْوٍ مِنْ أَلْفِ فَارِسٍ صُحْبَةَ الْأَمِيرَيْنِ أُلْطُنْبُغَا الْمَارْدَانِيِّ وَيَلْبُغَا الْيَحْيَاوِيِّ، فَفَاتَهُمَا وَسَبَقَ، وَاعْتَرَضَ لَهُ نَائِبُ غَزَّةَ فِي جُنْدِهِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَسَلَّطُوا عَلَيْهِ الْعَشِيرَاتِ يَنْهَبُونَهُ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ إِلَّا فِي شَيْءٍ يَسِيرٍ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا، وَقَصْدَ نَحْوَ صَاحِبِهِ - فِيمَا يَزْعُمُ - الْأَمِيرِ عَلَاءِ الدِّينِ أَيْدُغْمُشَ نَائِبِ حَلَبَ، رَاجِيًا مِنْهُ أَنْ يَنْصُرَهُ وَأَنْ يُوَافِقَهُ عَلَى مَا قَامَ بِنَفْسِهِ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ أَكْرَمَهُ، وَأَنْزَلَهُ، وَبَاتَ عِنْدَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَبَضَ عَلَيْهِ وَقَيَّدَهُ، وَرَدَّهُ عَلَى الْبَرِيدِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَمَعَهُ التَّرَاسِيمُ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ.
وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ سَلْخُ ذِي الْقِعْدَةِ خَرَجَ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ النَّاصِرُ شِهَابُ