مَشْهُودًا، سَمِعَ الْكَثِيرَ مِنْ أَزِيدَ مِنْ أَلْفِ شَيْخٍ، وَخَرَّجَ لَهُ الْمُحَدِّثُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ سَعْدٍ مَشْيَخَةً لَمْ يُكْمِلْهَا، وَقَرَأَ شَيْئًا كَثِيرًا، وَأَسْمَعَ شَيْئًا كَثِيرًا، وَكَانَ لَهُ خَطٌّ حَسَنٌ، وَخُلُقٌ حَسَنٌ، وَهُوَ مَشْكُورٌ عِنْدَ الْقُضَاةِ وَمَشَايِخِ أَهْلِ الْعِلْمِ، سَمِعْتُ الْعَلَّامَةَ ابْنَ تَيْمِيَةَ يَقُولُ: نَقْلُ الْبِرْزَالِيِّ نَقْرٌ فِي حَجَرٍ. وَكَانَ أَصْحَابُهُ مِنْ كُلِّ الطَّوَائِفِ يُحِبُّونَهُ وَيُكْرِمُونَهُ، وَكَانَ لَهُ أَوْلَادٌ مَاتُوا قَبْلَهُ، وَكَتَبَتِ ابْنَتُهُ فَاطِمَةُ " الْبُخَارِيَّ " فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ مُجَلَّدًا، فَقَابَلَهُ لَهَا، وَكَانَ يَقْرَأُ فِيهِ عَلَى الْحَافِظِ الْمِزِّيِّ تَحْتَ الْقُبَّةِ، حَتَّى صَارَتْ نُسْخَتُهَا أَصْلًا مُعْتَمَدًا يَكْتُبُ مِنْهَا النَّاسُ، وَكَانَ شَيْخَ حَدِيثٍ بِالنُّورِيَّةِ - وَفِيهَا وَقَفَ كُتُبَهُ - وَبِدَارِ الْحَدِيثِ النَّفِيسِيَّةِ، وَبِدَارِ الْحَدِيثِ الْقُوصِيَّةِ، وَكَانَ قَارِئَ الْحَدِيثِ بِدَارِ الْحَدِيثِ الْأَشْرَفِيَّةِ عَلَى الْمِزِّيِّ، وَمَنْ قَبْلَهُ كَابْنِ الشَّرِيشِيِّ، وَكَانَ يُعِيدُ فِي الْجَامِعِ وَغَيْرِهِ وَعَلَى كَرَاسِيِّ الْحَدِيثِ، وَكَانَ مُتَوَاضِعًا مُحَبَّبًا إِلَى النَّاسِ، مُتَوَدِّدًا إِلَيْهِمْ. تُوُفِّيَ عَنْ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ.
الْمُؤَرِّخُ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجَزَرِيُّ، جَمَعَ تَارِيخًا حَافِلًا كَتَبَ فِيهِ أَشْيَاءَ يَسْتَفِيدُ مِنْهَا الْحَافِظُ; كَالْمِزِّيِّ، وَالذَّهَبِيِّ، وَالْبِرْزَالِيِّ، يَكْتُبُونَ عَنْهُ وَيَعْتَمِدُونَ عَلَى نَقْلِهِ، وَكَانَ شَيْخًا قَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِينَ وَثَقُلَ سَمْعُهُ وَضَعُفَ خَطُّهُ، وَهُوَ وَالِدُ الشَّيْخِ نَاصِرِ الدِّينِ مُحَمَّدٍ وَأَخُوهُ مَجْدُ الدِّينِ.