وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ: الْعَلَّامَةُ قَاضِي الْقُضَاةِ فَخْرُ الدِّينِ عُثْمَانُ بْنُ الزَّيْنِ عَلِيِّ بْنِ عُثْمَانَ الْحَلَبِيُّ، ابْنُ خَطِيبِ جِبْرِينَ الشَّافِعِيُّ، وَلِيَ قَضَاءَ حَلَبَ مُدَّةً، وَكَانَ إِمَامًا عَلَّامَةً، صَنَّفَ " شَرْحَ مُخْتَصَرِ ابْنِ الْحَاجِبِ " فِي الْفِقْهِ، وَ " شَرْحَ الْبَدِيعِ " لِابْنِ السَّاعَاتِيِّ، وَلَهُ فَوَائِدُ غَزِيرَةٌ وَمُصَنَّفَاتٌ جَلِيلَةٌ، تَوَلَّى حَلَبَ بَعْدَ عَزْلِ الشَّيْخِ ابْنِ النَّقِيبِ، ثُمَّ طَلَبَهُ السُّلْطَانُ فَمَاتَ هُوَ وَوَلَدُهُ الْكَمَالُ، وَلَهُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا: قَاضِي الْقُضَاةِ جَلَالُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَزْوِينِيُّ الشَّافِعِيُّ، قَدِمَ هُوَ وَأَخُوهُ أَيَّامَ التَّتَرِ مِنْ بِلَادِهِمْ إِلَى دِمَشْقَ - وَهُمَا فَاضِلَانِ - بَعْدَ التِّسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، فَدَّرَسَ إِمَامُ الدِّينِ فِي تُرْبَةِ أُمِّ الصَّالِحِ، وَأَعَادَ جَلَالَ الدِّينِ بِالْبَادَرَائِيَّةِ عِنْدَ الشَّيْخِ بُرْهَانِ الدِّينِ ابْنِ الشَّيْخِ تَاجِ الدِّينِ شَيْخِ الشَّافِعِيَّةِ، ثُمَّ تَنَقَّلَتْ بِهِمَا الْأَحْوَالُ إِلَى أَنْ وَلِيَ إِمَامُ الدِّينِ قَضَاءَ الشَّافِعِيَّةِ بِدِمَشْقَ ; انْتُزِعَ لَهُ مِنْ يَدِ الْقَاضِي بَدْرِ الدِّينِ بْنِ جَمَاعَةَ، ثُمَّ هَرَبَ سَنَةَ قَازَانَ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مَعَ النَّاسِ فَمَاتَ هُنَالِكَ، وَأُعِيدَ ابْنُ جَمَاعَةَ إِلَى الْقَضَاءِ، وَخَلَتْ خَطَابَةُ الْبَلَدِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِمِائَةٍ، فَوَلِيَهَا جَلَالُ الدِّينِ الْمَذْكُورُ، ثُمَّ وَلِيَ الْقَضَاءَ بِدِمَشْقَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مَعَ الْخَطَابَةِ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، بَعْدَ