بِدِمَشْقَ، ثُمَّ رَحَلَ إِلَى مِصْرَ وَاسْتَوْطَنَهَا، وَتَوَلَّى بِهَا بَعْضَ الْأَقْضِيَةِ بِالْحُكْرِ، ثُمَّ نَابَ عَنِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ، فَحُمِدَتْ سِيرَتُهُ، وَدَرَّسَ بِمَدَارِسَ كِبَارٍ، وَوَلِيَ مَشْيَخَةَ دَارِ حَدِيثٍ بِالْقُبَّةِ الْمَنْصُورِيَّةِ، وَكَانَ بَارِعًا فَاضِلًا، عِنْدَهُ فَوَائِدُ جَمَّةٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ سَيِّئَ الْأَخْلَاقِ، مُنْقَبِضًا عَنِ النَّاسِ، لَمْ يَتَزَوَّجْ قَطُّ، وَكَانَ حَسَنَ الشَّكْلِ، بَهِيَّ الْمَنْظَرِ، يَأْكُلُ الطَّيِّبَاتِ، وَيَلْبَسُ اللَّيِّنَ مِنَ الثِّيَابِ، وَلَهُ فَوَائِدُ وَزَوَائِدُ عَلَى " الرَّوْضَةِ " وَغَيْرِهَا، وَكَانَ فِيهِ اسْتِهْتَارٌ بِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ، فَاللَّهُ يُسَامِحُهُ، تُوُفِّيَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ نِصْفَ رَمَضَانَ، وَدُفِنَ بِالْقَرَافَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ رُكْنُ الدِّينِ بْنُ الْقَوْبَعِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَلِيلِ الْقُرَشِيُّ الْهَاشِمِيُّ الْجَعْفَرِيُّ التُّونِسِيُّ الْمَالِكِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْقَوْبَعِ، كَانَ مِنْ أَعْيَانِ الْفُضَلَاءِ وِسَادَةِ الْأَذْكِيَاءِ، وَمِمَّنْ جَمَعَ الْفُنُونَ الْكَثِيرَةَ، وَالْعُلُومَ الْغَزِيرَةَ الدِّينِيَّةَ الشَّرْعِيَّةَ وَالطِّبِّيَّةَ، وَكَانَ مُدَرِّسًا بِالْمَنْكُوتَمُرِيَّةِ وَلَهُ وَظِيفَةٌ فِي الْمَارَسْتَانِ