الْأَحَدِ بْنِ عُمَرَ الْحَرَّانِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ النَّجِيحِ، تُوُفِّيَ فِي وَادِي بَنِيَ سَالِمٍ، فَحُمِلَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَغُسِّلَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ شَرْقِيَّ قَبْرِ عَقِيلٍ، فَغَبَطَهُ النَّاسُ بِهَذِهِ الْمَوْتَةِ وَهَذَا الْقَبْرِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَكَانَ مِمَّنْ غَبَطَهُ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ مُسَلَّمٍ قَاضِي الْحَنَابِلَةِ، فَمَاتَ بَعْدَهُ، وَدُفِنَ عِنْدَهُ، وَذَلِكَ بَعْدَهُ بِثَلَاثِ سِنِينَ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وَجَاءَ يَوْمَ حَضَرَ جِنَازَةُ الشَّيْخِ شَرَفِ الدِّينِ مُحَمَّدٍ الْمَذْكُورِ شَرَفُ الدِّينِ بْنُ أَبِي الْعِزِّ الْحَنَفِيُّ قَبْلَ ذَلِكَ بِجُمْعَةٍ، مَرْجِعَهُ مِنَ الْحَجِّ بَعْدَ انْفِصَالِهِ عَنْ مَكَّةَ بِمَرْحَلَتَيْنِ، فَغَبَطَ الْمَيِّتَ الْمَذْكُورَ بِتِلْكَ الْمَوْتَةِ، فَرُزِقَ مِثْلَهَا بِالْمَدِينَةِ، وَقَدْ كَانَ شَرَفُ الدِّينِ بْنُ نَجِيحٍ هَذَا قَدْ صَحِبَ شَيْخَنَا الْعَلَّامَةَ تَقِيَّ الدِّينِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ، وَكَانَ مَعَهُ فِي مَوَاطِنَ كِبَارٍ صَعْبَةٍ لَا يَسْتَطِيعُ الْإِقْدَامَ عَلَيْهَا إِلَّا الْأَبْطَالُ الْخُلَّصُ الْخَوَاصُّ، وَسُجِنَ مَعَهُ، وَكَانَ مِنْ خُدَّامِهِ وَخَوَاصِّ أَصْحَابِهِ، يَنَالُ فِيهِ الْأَذَى، وَأُوذِيَ بِسَبَبِهِ مَرَّاتٍ، وَكُلُّ مَا لَهُ فِي ازْدِيَادٍ وَمَحَبَّةٍ فِيهِ وَصَبْرٍ عَلَى أَذَى أَعْدَائِهِ، وَقَدْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ فِي نَفْسِهِ وَعِنْدَ النَّاسِ جَيِّدًا مَشْكُورَ السِّيرَةِ، جَيِّدَ الْعَقْلِ وَالْفَهْمِ، عَظِيمَ الدِّيَانَةِ وَالزُّهْدِ وَلِهَذَا كَانَتْ عَاقِبَتُهُ هَذِهِ الْمَوْتَةَ عَقِيبَ الْحَجِّ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِرَوْضَةِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ - بَقِيعِ الْغَرْقَدِ - بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، فَخُتِمَ لَهُ بِصَالِحِ عَمَلِهِ، وَقَدْ كَانَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ يَتَمَنَّى أَنْ يَمُوتَ عَقِيبَ عَمَلٍ صَالِحٍ يَعْمَلُهُ، وَكَانَتْ لَهُ جِنَازَةٌ حَافِلَةٌ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.