السَّبْتِ مُنْتَصَفِ صَفَرٍ - وَكَانَ سَابِعَ نَيْسَانَ - خَرَجَ أَهْلُ الْبَلَدِ بَرُمَّتِهِمْ إِلَى عِنْدِ مَسْجِدِ الْقَدَمِ، وَخَرَجَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ وَالْأُمَرَاءُ مُشَاةً يَبْكُونَ، وَيَتَضَرَّعُونَ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ هُنَالِكَ، وَكَانَ مَشْهَدًا عَظِيمًا، وَخَطَبَ بِالنَّاسِ الْقَاضِي صَدْرُ الدِّينِ سُلَيْمَانُ الْجَعْفَرِيُّ، وَأَمَّنَ النَّاسُ عَلَى دُعَائِهِ وَرَجَعُوا، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ مِنَ الْيَوْمِ الثَّانِي جَاءَهُمُ الْغَيْثُ بِإِذْنِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ وَرَأْفَتِهِ، لَا بِحَوْلِهِمْ وَلَا بِقُوَّتِهِمْ، فَفَرِحَ النَّاسُ فَرَحًا شَدِيدًا، وَعَمَّ الْبِلَادَ كُلَّهَا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَفِي أَوَاخِرِ الشَّهْرِ شَرَعُوا فِي إِصْلَاحِ رُخَامِ الْجَامِعِ وَتَرْمِيمِهِ، وَجَلْيِ أَبْوَابِهِ، وَتَحْسِينِ مَا فِيهِ.
وَفِي رَابِعَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْآخِرِ دَرَّسَ بِالنَّاصِرِيَّةِ الْجَوَّانِيَّةِ، ابْنُ الشِّيرَازِيِّ بِتَوْقِيعٍ سُلْطَانِيٍّ، وَأَخَذَهَا مِنِ ابْنِ صَصْرَى، وَبَاشَرَهَا إِلَى أَنْ مَاتَ.
وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ سَادِسَ عَشَرَ جُمَادَى الْأُولَى بَاشَرَ ابْنُ شَيْخِ السَّلَامِيَّةِ فَخْرُ الدِّينِ - أَخُو نَاظِرِ الْجَيْشِ - الْحِسْبَةَ بِدِمَشْقَ، عِوَضًا عَنِ ابْنِ الْحَدَّادِ، وَبَاشَرَ ابْنُ الْحَدَّادِ نَظَرَ الْجَامِعِ عِوَضًا عَنِ ابْنِ شَيْخِ السَّلَامِيَّةِ، وَخُلِعَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا.
وَفِي بُكْرَةِ الثُّلَاثَاءِ خَامِسِ جُمَادَى الْآخِرَةِ قَدِمَ مِنْ مِصْرَ إِلَى دِمَشْقَ قَاضِي الْقُضَاةِ شَرَفُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ قَاضِي الْقُضَاةِ مُعِينِ الدِّينِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الشَّيْخِ زَكِيِّ الدِّينِ ظَافِرٍ الْهَمْدَانِيُّ الْمَالِكِيُّ - عَلَى قَضَاءِ الْمَالِكِيَّةِ بِالشَّامِ، عِوَضًا عَنِ ابْنِ سَلَامَةَ، تُوُفِّيَ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَلَكِنَّ تَقْلِيدَ هَذَا مُؤَرَّخٌ بِآخِرِ رَبِيعٍ