فَقَالَ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ عَبْدُكَ هَذَا مَحْمُودٌ إِنَّمَا يُقَاتِلُ لِتَكُونَ كَلِمَتُكَ هِيَ الْعُلْيَا، وَلِيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لَكَ - فَانْصُرْهُ، وَأَيِّدْهُ، وَمَلِّكْهُ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا قَامَ رِيَاءً وَسُمْعَةً، وَطَلَبًا لِلدُّنْيَا، وَلِتَكُونَ كَلِمَتُهُ هِيَ الْعُلْيَا، وَلِيُذِلَّ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ، فَاخْذُلْهُ، وَزَلْزِلْهُ، وَدَمِّرْهُ، وَاقْطَعْ دَابِرَهُ. قَالَ: وَقَازَانُ يُؤَمِّنُ عَلَى دُعَائِهِ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ. قَالَ: فَجَعَلْنَا نَجْمَعُ ثِيَابَنَا خَوْفًا مِنْ أَنْ تَتَلَوَّثَ بِدَمِهِ إِذَا أَمَرَ بِقَتْلِهِ. قَالَ: فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ لَهُ قَاضِي الْقُضَاةِ نَجْمُ الدِّينِ ابْنُ صَصْرَى وَغَيْرُهُ: كِدْتَ أَنْ تُهْلِكَنَا، وَتُهْلِكَ نَفْسَكَ، وَاللَّهِ لَا نَصْحَبُكَ مِنْ هُنَا. فَقَالَ: وَأَنَا وَاللَّهِ لَا أَصْحَبُكُمْ. قَالَ: فَانْطَلَقْنَا عُصْبَةً، وَتَأَخَّرَ هُوَ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَتَسَامَعَتْ بِهِ الْخَوَاتِينُ وَالْأُمَرَاءُ مِنْ أَصْحَابِ قَازَانَ، فَأَتَوْهُ يَتَبَرَّكُونَ بِدُعَائِهِ، وَهُوَ سَائِرٌ إِلَى دِمَشْقَ، وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا وَصَلَ إِلَى دِمَشْقَ إِلَّا فِي نَحْوِ ثَلَاثِمِائَةِ فَارِسٍ فِي رِكَابِهِ، وَكُنْتُ أَنَا مِنْ جُمْلَةِ مَنْ كَانَ مَعَهُ، وَأَمَّا أُولَئِكَ الَّذِينَ أَبَوْا أَنْ يَصْحَبُوهُ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّتَرِ، فَشَلَّحُوهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ. هَذَا الْكَلَامُ أَوْ نَحْوُهُ. وَقَدْ سَمِعْتُ هَذِهِ الْحِكَايَةَ مِنْ جَمَاعَةٍ غَيْرِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ.
تُوُفِّيَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ قَوَامٍ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ صَفَرٍ بِالزَّاوِيَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِهِمْ غَرْبِيَّ الصَّالِحِيَّةِ وَالنَّاصِرِيَّةِ وَالْعَادِلِيَّةِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِهَا، وَدُفِنَ فِيهَا، وَحَضَرَ جِنَازَتَهُ وَدَفَنَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَجَمٌّ غَفِيرٌ، وَكَانَ فِي جُمْلَةِ الْجَمْعِ الشَّيْخُ تَقِيُّ