يَذْكُرُوا فِي خُطْبَتِهِمْ إِلَّا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَوَلَدَيْهِ، وَأَهْلَ بَيْتِهِ، وَلَمَّا وَصَلَ خَطِيبُ بِابِ الْأَزَجِ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ مَنْ خُطْبَتِهِ بَكَى بَكَاءً شَدِيدًا، وَبَكَى النَّاسُ مَعَهُ، وَنَزَلَ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إِتْمَامِهَا، فَأُقِيمَ مَنْ أَتَمَّهَا عَنْهُ وَصَلَّى بِالنَّاسِ، وَظَهَرَ عَلَى النَّاسِ بِتِلْكَ الْبِلَادِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ أَهْلُ الْبِدْعَةِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وَلَمْ يَحُجَّ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ بِسَبَبِ تَخْبِيطِ الدَّوْلَةِ وَكَثْرَةِ الِاخْتِلَافِ.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْخَطِيبُ نَاصِرُ الدِّينِ أَبُو الْهُدَى أَحْمَدُ بْنُ الْخَطِيبِ بَدْرِ الدِّينِ يَحْيَى بْنِ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، خَطِيبُ الْعُقَيْبَةِ بِدَارِهِ، وَقَدْ بَاشَرَ نَظَرَ الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ، وَغَيْرَ ذَلِكَ، تُوُفِّيَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ النِّصْفِ مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِجَامِعِ الْعُقَيْبَةِ، وَدُفِنَ عِنْدَ وَالِدِهِ بِبَابِ الصَّغِيرِ، وَكَانَ مِنْ صُدُورِ دِمَشْقَ، وَقَدْ رَوَى الْحَدِيثَ، وَبَاشَرَ الْخَطَابَةَ بَعْدَهُ وَلَدُهُ بَدْرُ الدِّينِ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ، وَالْقُضَاةُ، وَالْأَعْيَانُ.
قَاضِي الْحَنَابِلَةِ بِمِصْرَ، شَرَفُ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَصْرِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْحَرَّانِيُّ، وُلِدَ بَحَرَّانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ، وَقَدِمَ مِصْرَ، فَبَاشَرَ نَظَرَ الْخِزَانَةِ وَتَدْرِيسِ الصَّالِحِيَّةِ، ثُمَّ أُضِيفَ إِلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَكَانَ مَشْكُورَ السِّيرَةِ، كَثِيرَ الْمَكَارِمِ، تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ رَابِعَ