وَأُقِيمَتِ الْجُمُعَةُ خَامِسَ رَمَضَانَ بِالْمَيْدَانِ أَيْضًا، ثُمَّ خَرَجَ السُّلْطَانُ مِنْ دِمَشْقَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ تَاسِعِ رَمَضَانَ، وَفِي صُحْبَتِهِ ابْنُ صَصْرَى، وَصَدْرُ الدِّينِ الْحَنَفِيُّ قَاضِي الْعَسَاكِرِ، وَالْخَطِيبُ جَلَالُ الدِّينِ، وَالشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ، وَالْمُوَقِّعُونَ، وَدِيوَانُ الْجَيْشِ، وَجَيْشُ الشَّامِ بِكَمَالِهِ، قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ سَائِرِ مُدُنِهِ وَأَقَالِيمِهِ بِنُوَّابِهِ وَأُمَرَائِهِ، فَلَمَّا انْتَهَى السُّلْطَانُ إِلَى غَزَّةَ دَخَلَهَا فِي أُبَّهَةٍ عَظِيمَةٍ، وَتَلَقَّاهُ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ بَهَادُرُ آصْ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أُمَرَاءِ الْمِصْرِيِّينَ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْمَلِكَ الْمُظَفَّرَ قَدْ خَلَعَ نَفْسَهُ مِنَ الْمَمْلَكَةِ، ثُمَّ تَوَاتَرَ قُدُومُ الْأُمَرَاءِ مِنْ مِصْرَ إِلَى السُّلْطَانِ، وَأَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ، فَطَابَتْ قُلُوبُ الشَّامِيِّينَ، وَاسْتَبْشَرُوا بِذَلِكَ، وَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ، وَتَأَخَّرَ مَجِيءُ الْبَرِيدِ بِصُورَةِ مَا جَرَى.
وَاتَّفَقَ فِي يَوْمِ هَذَا الْعِيدِ أَنَّهُ خَرَجَ نَائِبُ الْخَطِيبِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْجَزَرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْمِقَصَّاتِيِّ فِي السَّنَاجِقِ إِلَى الْمُصَلَّى عَلَى الْعَادَةِ، وَاسْتَنَابَ فِي الْبَلَدِ الشَّيْخَ مَجْدَ الدِّينِ التُّونِسِيَّ، فِلَمَّا وَصَلُوا إِلَى الْمُصَلَّى وَجَدُوا خَطِيبَ الْمُصَلَّى قَدْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ، فَنُصِبَتِ السَّنَاجِقُ فِي صَحْنِ الْمُصَلَّى، وَصَلَّى بَيْنَهُمَا تَقِيُّ الدِّينِ الْمِقَصَّاتِيُّ، ثُمَّ خَطَبَ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ ابْنُ حَسَّانَ دَاخِلَ الْمُصَلَّى، فَعُقِدَ فِيهِ صَلَاتَانِ وَخُطْبَتَانِ يَوْمَئِذٍ، وَلَمْ يَتَّفِقْ مِثْلُ هَذَا فِيمَا نَعْلَمُ.
وَكَانَ دُخُولُ السُّلْطَانِ الْمَلِكُ النَّاصِرُ إِلَى قَلْعَةِ الْجَبَلِ آخَرَ يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَرَسَمَ لِسَلَّارَ أَنْ يُسَافِرَ إِلَى الشَّوْبَكِ وَاسْتَنَابَ بِمِصْرَ الْأَمِيرَ سَيْفَ