قُلْتُ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ قُدُومُنَا مِنْ بُصْرَى إِلَى دِمَشْقَ بَعْدَ وَفَاةِ الْوَالِدِ، وَكَانَ أَوَّلُ مَا سَكَنَّا بِدَرْبِ سُقُونَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: دَرْبُ ابْنِ أَبِي الْهَيْجَاءِ، بِالصَّاغَةِ الْعَتِيقَةِ عِنْدَ الطُّيُورِيِّينَ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ حَسَنَ الْعَاقِبَةِ وَالْخَاتِمَةِ، آمِينَ.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ رُكْنُ الدِّينِ بَيْبَرْسُ الْعَجَمِيُّ الصَّالِحِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِالْجَالِقْ، كَانَ رَأْسَ الْجَمَدَارِيَّةِ فِي أَيَّامِ الْمَلِكِ الصَّالِحِ نَجْمِ الدِّينِ أَيُّوبَ، وَأَمَّرَهُ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ، وَكَانَ مِنْ أَكَابِرِ الدَّوْلَةِ، كَثِيرَ الْأَمْوَالِ، تُوُفِّيَ بِالرَّمْلَةِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي قِسْمِ إِقْطَاعِهِ فِي نِصْفِ جُمَادَى الْأُولَى، وَنُقِلَ إِلَى الْقُدْسِ فَدُفِنَ بِهِ.
الشَّيْخُ صَالِحٌ الْأَحْمَدِيُّ الرِّفَاعِيُّ، شَيْخُ الْمُنَيْبِعِ، كَانَ التَّتَرُ يُكْرِمُونَهُ لَمَّا قَدِمُوا دِمَشْقَ، وَلَمَّا جَاءَ قُطْلُوشَاهْ نَائِبُ التَّتَرِ نَزَلَ عِنْدَهُ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ بِالْقَصْرِ: نَحْنُ مَا يَنْفَقُ حَالُنَا إِلَّا عِنْدَ التَّتَرِ، وَأَمَّا عِنْدَ الشَّرْعِ فَلَا.