وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، حَكَمَ قَاضِي الْقُضَاةِ جَمَالُ الدِّينِ الزَّوَاوِيُّ بِقَتْلِ الشَّمْسِ مُحَمَّدِ بْنِ جَمَالِ الدِّينِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَاجُرْبَقِيِّ، وَإِرَاقَةِ دَمِهِ، وَإِنْ تَابَ وَإِنْ أَسْلَمَ، بَعْدَ إِثْبَاتِ مَحْضَرٍ عَلَيْهِ يَتَضَمَّنُ كُفْرَ الْبَاجُرْبَقِيِّ الْمَذْكُورِ، وَمِمَّنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فِيهِ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ التُّونِسِيُّ النَّحْوِيُّ الشَّافِعِيُّ، فَهَرَبَ الْبَاجُرْبَقِيُّ إِلَى بِلَادِ الشَّرْقِ، فَمَكَثَ بِهَا مُدَّةَ سِنِينَ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ مَوْتِ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ كَمَا سَيَأْتِي.
وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ كَانَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ فِي الصَّيْدِ، فَقَصَدَهُمْ فِي اللَّيْلِ طَائِفَةٌ مِنَ الْأَعْرَابِ، فَقَاتَلَهُمُ الْأُمَرَاءُ، فَقَتَلُوا مِنَ الْعَرَبِ نَحْوَ النِّصْفِ، وَتَوَغَّلَ فِي الْعَرَبِ أَمِيرٌ يُقَالُ لَهُ: سَيْفُ الدِّينِ بَهَادُرُ سَمِزِ احْتِقَارًا بِالْعَرَبِ، فَضَرَبَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِرُمْحٍ فَقَتَلَهُ، فَكَرَّتِ الْأُمَرَاءُ عَلَيْهِمْ، فَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا أَيْضًا، وَأَخَذُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ زَعَمُوا أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ، فَصُلِبَ تَحْتَ الْقَلْعَةِ، وَدُفِنَ الْأَمِيرُ الْمَذْكُورُ بِقَبْرِ السِّتِّ.
وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ تَكَلَّمَ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ النَّقِيبِ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ فِي الْفَتَاوَى الصَّادِرَةِ مِنَ الشَّيْخِ عَلَاءِ الدِّينِ بْنِ الْعَطَّارِ شَيْخِ دَارِ الْحَدِيثِ النُّورِيَّةِ وَالْقُوصِيَّةِ، وَأَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَفِيهَا تَخْبِيطٌ كَثِيرٌ، فَتَوَهَّمَ مِنْ ذَلِكَ، وَرَاحَ إِلَى الْحَنَفِيِّ، فَحَقِنَ دَمَهُ، وَأَبْقَاهُ عَلَى وَظَائِفِهِ، ثُمَّ بَلَغَ ذَلِكَ نَائِبَ السَّلْطَنَةِ، فَأَنْكَرَ عَلَى الْمُنْكِرِينَ عَلَيْهِ، وَرَسَمَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ اصْطَلَحُوا، وَرَسَمَ