أُخَرَ مِنْ أَوْقَافِ الْمَدَارِسِ وَغَيْرِهَا، وَرَجَعَ بُولَايُ مِنْ جِهَةِ الْأَغْوَارِ، وَقَدْ عَاثَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا، وَنَهَبَ الْبِلَادِ وَسَبَى وَخَرَّبَ، وَمَعَهُ طَائِفَةٌ كَبِيرَةٌ مِنَ التَّتَرِ، وَقَدْ خَرَّبُوا قُرًى كَثِيرَةً، وَقَتَلُوا مَنْ أَهْلِهَا خَلْقًا، وَأَسَرُوا مِنْ أَطْفَالِهَا جَمَاعَاتٍ، وَجُبِيَ لِبُولَايِ مِنْ دِمَشْقَ أَيْضًا جِبَايَةً أُخْرَى، وَخَرَجَ طَائِفَةٌ مِنَ الْقَلْعَةِ، فَقَتَلُوا طَائِفَةً مِنَ التَّتَرِ وَنَهَبُوهُمْ، وَقُتِلَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي غُبُونِ ذَلِكَ، وَأَخَذُوا طَائِفَةً مِمَّنْ كَانَ يَلُوذُ بِالتَّتَرِ، وَرَسَمَ قَبْجَقُ لِخَطِيبِ الْبَلَدِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْأَعْيَانِ أَنْ يَدْخُلُوا الْقَلْعَةَ، فَيَتَكَلَّمُوا مَعَ نَائِبِهَا فِي الْمُصَالَحَةِ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ثَانِي عَشَرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ، فَكَلَّمُوهُ وَبَالَغُوا مَعَهُ، فَلَمْ يُجِبْ إِلَى ذَلِكَ وَقَدْ أَجَادَ وَأَحْسَنَ.
وَفِي ثَانِي رَجَبٍ طَلَبَ قَبْجَقُ الْقُضَاةَ وَالْأَعْيَانَ، فَحَلَّفَهُمْ عَلَى الْمُنَاصَحَةِ لِلدَّوْلَةِ الْمَحْمُودِيَّةِ - يَعْنِي قَازَانَ - فَحَلَفُوا لَهُ. وَفِي هَذَا الْيَوْمِ خَرَجَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَةَ إِلَى مُخَيَّمِ بُولَايِ، فَاجْتَمَعَ بِهِ فِي فِكَاكِ مَنْ مَعَهُ مِنْ أَسَارَى الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَنْقَذَ كَثِيرًا مِنْهُمْ مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَأَقَامَ عِنْدَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ عَادَ، ثُمَّ رَاحَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَعْيَانِ دِمَشْقَ، ثُمَّ عَادُوا مِنْ عِنْدِهِ، فَشُلِّحُوا عِنْدَ بَابٍ شَرْقِيٍّ، وَأُخِذَتْ ثِيَابُهُمْ وَعَمَائِمُهُمْ، وَرَجَعُوا فِي شَرِّ حَالَةٍ، ثُمَّ بَعَثَ فِي طَلَبِهِمْ، فَاخْتَفَى أَكْثَرُهُمْ، وَتَغَيَّبُوا عَنْهُ، وَنُودِيَ بِالْجَامِعِ بَعْدَ الصَّلَاةِ ثَالِثَ رَجَبٍ مِنْ جِهَةِ نَائِبِ الْقَلْعَةِ بِأَنَّ الْعَسَاكِرَ الْمِصْرِيَّةَ قَادِمَةٌ إِلَى الشَّامِ، وَفِي عَشِيَّةِ يَوْمِ السَّبْتِ رَحَلَ بُولَايُ وَأَصْحَابُهُ مِنَ التَّتَرِ، وَانْشَمَرُوا عَنْ دِمَشْقَ، وَقَدْ أَرَاحَ اللَّهُ مِنْهُمْ، وَسَارُوا مِنْ عَلَى