وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةُ قَازَانَ، وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ السَّنَةَ اسْتَهَلَّتْ وَالْخَلِيفَةُ الْحَاكِمُ الْعَبَّاسِيُّ، وَسُلْطَانُ الْبِلَادِ الشَّامِيَّةُ وَالْمِصْرِيَّةُ وَمَا يَتْبَعُهَا مِنَ الْمَمَالِكِ الْمَلِكُ النَّاصِرُ مُحَمَّدُ بْنُ قَلَاوُونَ، وَنَائِبُ مِصْرَ سَلَّارُ، وَبِالشَّامِ جَمَالُ الدِّينِ آقُوشُ الْأَفْرَمُ، وَالْقُضَاةُ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَالْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْأَخْبَارُ بِقَصْدِ التَّتَرِ إِلَى بِلَادِ الشَّامِ، وَقَدْ خَافَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ خَوْفًا شَدِيدًا، وَجَفَلَ النَّاسُ مِنْ بِلَادِ حَلَبَ وَحَمَاةَ، وَبَلَغَ كِرَاءُ الْجَمَلِ مِنْ حَمَاةَ إِلَى دِمَشْقَ نَحْوَ الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الثُّلَاثَاءِ ثَانِي الْمُحَرَّمِ ضَرَبَتِ الْبَشَائِرُ بِسَبَبِ خُرُوجِ السُّلْطَانِ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ قَاصِدًا الشَّامَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثَامِنِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ دَخَلَ السُّلْطَانُ إِلَى دِمَشْقَ، وَقَدْ أَقَامَ بِغَزَّةَ قَرِيبًا مِنْ شَهْرَيْنِ، وَذَلِكَ لَمَّا بَلَغَهُ قُدُومُ التَّتَرِ إِلَى الشَّامِ تَهَيَّأَ لِذَلِكَ، وَجَاءَ فَدَخَلَ دِمَشْقَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي مَطَرٍ شَدِيدٍ وَوَحَلٍ كَثِيرٍ، وَمَعَ هَذَا خَرَجَ النَّاسُ لِتَلَقِّيهِ وَالدُّعَاءِ لَهُ، فَنَزَلَ بِالطَّارِمَةِ، وَزُيِّنَتْ لَهُ الْبَلَدُ وَكَثُرَتْ لَهُ الْأَدْعِيَةُ، وَكَانَ وَقْتًا شَدِيدًا وَحَالًا صَعْبًا، وَامْتَلَأَ الْبَلَدُ مِنَ الْجَافِلِينَ النَّازِحِينَ عَنْ بِلَادِهِمْ، وَجَلَسَ الْأَعْسَرُ وَزِيرُ الدَّوْلَةِ، وَطَالَبَ الْعُمَّالَ، وَاقْتَرَضُوا أَمْوَالَ الْأَيْتَامِ وَأَمْوَالَ الْأَسْرَى لِأَجْلِ تَقْوِيَةِ الْجَيْشِ، وَخَرَجَ السُّلْطَانُ بِالْجَيْشِ مِنْ دِمَشْقَ يَوْمَ الْأَحَدِ سَابِعَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ أَحَدٌ مِنَ الْجُيُوشِ، وَخَرَجَ مَعَهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْمُطَّوِّعَةِ، وَأَخَذَ النَّاسُ فِي الدُّعَاءِ وَالْقُنُوتِ فِي الصَّلَوَاتِ بِالْجَامِعِ وَغَيْرِهِ، وَتَضَرَّعُوا وَاسْتَغَاثُوا وَابْتَهَلُوا إِلَى اللَّهِ بِالْأَدْعِيَةِ.