فِي تَارِيخِ ظَهِيرِ الدِّينِ الْكَازَرُونِيِّ: ظَهَرَتْ نَارٌ بِأَرْضِ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، نَظِيرَ مَا كَانَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ عَلَى صِفَتِهَا، إِلَّا أَنَّ هَذِهِ النَّارَ كَانَ يَعْلُو لَهِيبُهَا كَثِيرًا، وَكَانَتْ تُحْرِقُ الصَّخْرَ، وَلَا تُحْرِقُ السَّعَفَ، وَاسْتَمَرَّتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.
اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَالدَّوْلَةُ الْمَذْكُورُونَ هُمُ الَّذِينَ كَانُوا فِي الَّتِي قَبِلَهَا.
وَفِي جُمَادَى الْآخِرَةِ قَدِمَ الْأَشْرَفُ دِمَشْقَ، فَنَزَلَ فِي الْقَصْرِ الْأَبْلَقِ وَالْمَيْدَانِ الْأَخْضَرِ، وَجَهَّزَ الْجُيُوشَ، وَتَهَيَّأَ لِغَزْوِ بِلَادِ سِيسَ، وَقَدِمَ فِي غُبُونِ ذَلِكَ رُسُلُ صَاحِبِ بِلَادِ سِيسَ يَطْلُبُونَ الصُّلْحَ، فَشَفَعَ الْأُمَرَاءُ فِيهِمْ، فَسَلَّمُوا بَهْسَنَا وَتَلَّ حَمْدُونَ وَمَرْعَشَ، وَهِيَ أَكْبَرُ بِلَادِهِمْ وَأَحْسَنُهَا وَأَحْصَنُهَا، وَهِيَ فِي فَمِ الدَّرْبَنْدِ.
ثُمَّ رَكِبَ السُّلْطَانُ فِي ثَانِي رَجَبٍ نَحْوَ سَلَمْيَةَ بِأَكْثَرِ الْجَيْشِ، صُورَةَ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُصِيبَ الْأَمِيرَ حُسَامَ الدِّينِ لَاجِينَ، فَأَضَافَهُ الْأَمِيرُ مُهَنَّا بْنُ عِيسَى، فَلَمَّا