فِيهَا كَانَ فَتْحُ مَدِينَةِ طَرَابُلُسَ، وَذَلِكَ أَنَّ السُّلْطَانَ قَلَاوُونَ قَدِمَ بِالْجُيُوشِ الْمَنْصُورَةِ الْمِصْرِيَّةِ فِي صُحْبَتِهِ إِلَى دِمَشْقَ فَدَخَلَهَا فِي الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ صَفَرٍ، ثُمَّ صَارَ بِهِمْ وَبِجَيْشِ دِمَشْقَ وَصُحْبَتُهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْمُطَّوِّعَةِ; مِنْهُمُ الْقَاضِي نَجْمُ الدِّينِ الْحَنْبَلِيُّ قَاضِي الْحَنَابِلَةِ، وَخَلْقٌ مِنَ الْمَقَادِسَةِ وَغَيْرِهِمْ، فَنَازَلَ طَرَابُلُسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مُسْتَهَلَّ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَحَاصَرَهَا بِالْمَجَانِيقِ حِصَارًا شَدِيدًا، وَضَيَّقُوا عَلَى أَهْلِهَا تَضْيِيقًا عَظِيمًا، وَنَصَبَ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ مَنْجَنِيقًا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الثُّلَاثَاءِ رَابِعِ رَبِيعٍ الْآخِرِ فُتِحَتْ طَرَابُلُسُ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ مِنَ النَّهَارِ عَنْوَةً، وَشَمَلَ الْقَتْلُ وَالْأَسْرُ جَمِيعَ مَنْ فِيهَا، وَغَرِقَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْمِينَاءِ وَنُهِبَتِ الْأَمْوَالُ، وَسُبِيَتِ النِّسَاءُ وَالْأَطْفَالُ، وَأُخِذَتِ الذَّخَائِرُ وَالْحَوَاصِلُ، وَقَدْ كَانَ لَهَا فِي أَيْدِي الْفِرِنْجِ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَخَمْسِمِائَةٍ إِلَى هَذَا التَّارِيخِ، كَانَ الْمَلِكُ صَنْجِيلُ الْفِرِنْجِ حَاصَرَهَا سَبْعَ سِنِينَ حَتَّى ظَفِرَ بِهَا كَمَا ذَكَرْنَا، وَقَدْ كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ فِي أَيْدِي