بِدِمَشْقَ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ، وَجَاءَ سَيْلٌ عَظِيمٌ جِدًّا حَتَّى كَسَرَ أَقْفَالَ بَابِ الْفَرَادِيسِ، وَارْتَفَعَ الْمَاءُ ارْتِفَاعًا كَثِيرًا، بِحَيْثُ أَغْرَقَ خَلْقًا كَثِيرًا، وَأَخَذَ جِمَالَ الْجَيْشِ الْمِصْرِيِّ وَأَثْقَالَهُمْ، فَخَرَجَ السُّلْطَانُ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَتَوَلَّى شَدَّ الدَّوَاوِينِ الْأَمِيرُ شَمْسُ الدِّينِ سُنْقُرُ عِوَضًا عَنِ الدَّوَادَارِيِّ عَلَمِ الدِّينِ سَنْجَرَ.
وَفِيهَا اخْتَلَفَ التَّتَرُ فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى مَلِكِهِمُ السُّلْطَانِ أَحْمَدَ، فَعَزَلُوهُ عَنْهُمْ وَقَتَلُوهُ، وَمَلَّكُوا عَلَيْهِمُ السُّلْطَانَ أَرْغُونَ بْنَ أَبْغَا، وَنَادَوْا بِذَلِكَ فِي جَيْشِهِمْ، وَتَأَطَّدَتْ أَحْوَالُهُمْ، وَمَشَتْ أُمُورُهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَبَادَتْ دَوْلَةُ السُّلْطَانِ أَحْمَدَ، وَقَامَتْ دَوْلَةُ أَرْغُونَ بْنِ أَبْغَا.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
الشَّيْخُ طَالِبٌ الرِّفَاعِيُّ
بِقَصْرِ حَجَّاجٍ، وَلَهُ زَاوِيَةٌ مَشْهُورَةٌ بِهِ، وَكَانَ يَزُورُ بَعْضَ الْمُرِيدِينَ فَمَاتَ.
الْقَاضِي الْإِمَامُ عِزُّ الدِّينِ أَبُو الْمَفَاخِرِ مُحَمَّدُ بْنُ شَرَفِ الدِّينِ عَبْدِ الْقَادِرِ بْنِ عَفِيفِ الدِّينِ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ خَلِيلٍ الْأَنْصَارِيُّ الدِّمَشْقِيُّ
وَلِيَ قَضَاءَ الْقُضَاةِ بِدِمَشْقَ مَرَّتَيْنِ، عُزِلَ بِهِ ابْنُ خَلِّكَانَ ثُمَّ عُزِلَ بِابْنِ خَلِّكَانَ، ثُمَّ عُزِلَ ابْنُ خَلِّكَانَ بِهِ ثَانِيَةً، ثُمَّ عُزِلَ وَسُجِنَ وَوُلِّيَ بَعْدَهُ بَهَاءُ الدِّينِ بْنُ الزَّكِيِّ، وَبَقِيَ مَعْزُولًا إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ بِبُسْتَانِهِ فِي تَاسِعِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَصُلَّيَ عَلَيْهِ بِسُوقِ الْخَيْلِ، وَدُفِنَ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَكَانَ مَشْكُورَ