لَمَّا كَانَ يَوْمُ الثُّلَاثَاءِ الْحَادِيَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ اجْتَمَعَ الْأُمَرَاءُ بِقَلْعَةِ الْجَبَلِ مِنْ مِصْرَ، وَخَلَعُوا الْمَلِكَ الْعَادِلَ سُلَامِشَ بْنَ الظَّاهِرِ، وَأَخْرَجُوهُ مِنَ الْبَيْنِ، وَإِنَّمَا كَانُوا قَدْ بَايَعُوهُ صُورَةً لِيَسْكُنَ الشَّرُّ عِنْدَ خَلْعِ الْمَلِكِ السَّعِيدِ، ثُمَّ اتَّفَقُوا عَلَى بَيْعَةِ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ قَلَاوُونَ الصَّالِحِيِّ، وَلَقَّبُوهُ بِالْمَلِكِ الْمَنْصُورِ، وَجَاءَتِ الْبَيْعَةُ إِلَى دِمَشْقَ، فَوَافَقَ الْأُمَرَاءُ وَحَلَفُوا، وَذُكِرَ أَنَّ الْأَمِيرَ شَمْسَ الدِّينِ سُنْقُرَ الْأَشْقَرَ لَمْ يَحْلِفْ مَعَ النَّاسِ وَلَمْ يَرْضَ بِمَا وَقَعَ، وَكَأَنَّهُ دَاخَلَهُ حَسَدٌ مِنَ الْمَنْصُورِ; لِأَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّهُ أَعْظَمُ مِنْهُ عِنْدَ الظَّاهِرِ. وَخُطِبَ لِلْمَنْصُورِ عَلَى الْمَنَابِرِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ، وَضُرِبَتِ السِّكَّةُ بِاسْمِهِ، وَجَرَتِ الْأُمُورُ بِمُقْتَضَى رَأْيِهِ، فَعَزَلَ وَوَلَّى وَنُفِّذَتْ مَرَاسِيمُهُ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ بِذَلِكَ، فَعَزَلَ عَنِ الْوِزَارَةِ بُرْهَانَ الدِّينِ السِّنْجَارِيَّ، وَوَلَّى مَكَانَهُ فَخْرَ الدِّينِ بْنَ لُقْمَانَ كَاتِبَ السِّرِّ وَصَاحِبَ دِيوَانِ الْإِنْشَاءِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ.
وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ حَادِي عَشَرَ ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ الْمَلِكُ السَّعِيدُ بْنُ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ بِالْكَرَكِ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ تَرْجَمَتِهِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَفِيهَا حُمِلَ الْأَمِيرُ أَيْدَمُرُ الَّذِي كَانَ نَائِبَ الشَّامِ فِي مِحَفَّةٍ - لِمَرَضٍ لَحِقَهُ - إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَدَخَلَهَا فِي أَوَاخِرِ ذِي الْقَعْدَةِ، وَاعْتُقِلَ بِقَلْعَةِ مِصْرَ.
لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ رَكِبَ الْأَمِيرُ شَمْسُ الدِّينِ