كَانَ أَوَّلُهَا يَوْمَ الْأَحَدِ، وَالْخَلِيفَةُ وَالسُّلْطَانُ هُمَا الْمَذْكُورَانِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا. وَقَدِ اتَّفَقَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أُمُورٌ عَجِيبَةٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ وَقَعَ الْخُلْفُ بَيْنَ الْمَمَالِكِ كُلِّهَا، اخْتَلَفَتِ التَّتَارُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَاقْتَتَلُوا، فَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَاخْتَلَفَتِ الْفِرِنْجُ فِي السَّوَاحِلِ، وَصَالَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَكَذَلِكَ الْفِرِنْجُ الَّذِينَ فِي دَاخِلِ الْبُحُورِ وَجَزَائِرِهَا اخْتَلَفُوا وَاقْتَتَلُوا، وَاقْتَتَلَتْ قَبَائِلُ الْأَعْرَابِ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ قِتَالًا شَدِيدًا، وَكَذَلِكَ وَقَعَ الْخُلْفُ بَيْنَ الْعَشِيرِ مِنَ الْحَوَارِنَةِ، وَقَامَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ عَلَى سَاقٍ، وَكَذَلِكَ وَقَعَ الْخُلْفُ بَيْنَ الْأُمَرَاءِ الظَّاهِرِيَّةِ بِسَبَبِ أَنَّ السُّلْطَانَ الْمَلِكَ السَّعِيدَ بْنَ الظَّاهِرِ لَمَّا بَعَثَ الْجَيْشَ إِلَى سِيسَ أَقَامَ بَعْدَهُ بِدِمَشْقَ، وَأَخَذَ فِي اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ وَالِانْبِسَاطِ مَعَ الْخَاصِّكِيَّةِ، وَتَمَكَّنُوا مِنَ الْأُمُورِ، وَبَعُدَ عَنْهُ الْأُمَرَاءُ الْكِبَارُ، فَعَصَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ وَنَابَذُوهُ وَفَارَقُوهُ، وَأَقَامُوا بِطَرِيقِ الْعَسَاكِرِ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا إِلَى سِيسَ وَغَيْرِهِمْ، فَرَجَعَتِ الْعَسَاكِرُ إِلَيْهِمْ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا شَعَّثُوا قُلُوبَهُمْ عَلَى الْمَلِكِ السَّعِيدِ، وَوَحَّشُوا خَوَاطِرَ الْجَيْشِ عَلَيْهِ، وَقَالُوا: الْمِلْكُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَلْعَبَ وَلَا يَلْهُوَ، وَإِنَّمَا هِمَّةُ الْمُلُوكِ فِي الْعَدْلِ وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَالذَّبِّ عَنْ حَوْزَتِهِمْ كَمَا كَانَ أَبُوهُ. ثُمَّ رَاسَلَهُ الْجَيْشُ فِي إِبْعَادِ