حَاصِلُهُ: إِذَا لَمْ يَبْقَ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ، وَأَنْفَقْتُمُ الْحَوَائِصَ الذَّهَبَ وَغَيْرَهَا مِنَ الزِّينَةِ، وَتَسَاوَيْتُمْ أَنْتُمْ وَالْعَامَّةُ فِي الْمَلَابِسِ سِوَى آلَاتِ الْحَرْبِ، وَلَمْ يَبْقَ لِلْجُنْدِيِّ شَيْءٌ سِوَى فَرَسِهِ الَّتِي يَرْكَبُهَا، سَاغَ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ فِي دَفْعِ الْأَعْدَاءِ ; لِأَنَّهُ إِذَا دَهَمَ الْعَدُوُّ وَجَبَ عَلَى النَّاسِ كَافَّةً أَنْ يَدْفَعُوهُمْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ.
وَفِيهَا قَبَضَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ قُطُزُ عَلَى ابْنِ أُسْتَاذِهِ نُورِ الدِّينِ عَلِيٍّ الْمُلَقَّبِ بِالْمَنْصُورِ، وَذَلِكَ فِي غَيْبَةِ أَكْثَرِ الْأُمَرَاءِ مِنْ مَمَالِيكِ أَبِيهِ وَغَيْرِهِمْ فِي الصَّيْدِ، فَأَمْسَكَهُ وَسَيَّرَهُ مَعَ أُمِّهِ وَابْنَيْهِ وَإِخْوَتِهِ إِلَى بِلَادِ الْأَشْكُرِيِّ، وَتَسَلْطَنَ هُوَ، وَسَمَّى نَفْسَهُ بِالْمَلِكِ الْمُظَفَّرِ، وَكَانَ هَذَا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ الَّذِي يَسَّرَاللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ كَسْرَةَ التَّتَارِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَهَذَا الَّذِي اعْتَذَرَ بِهِ إِلَى ابْنِ الْعَدِيمِ فَإِنَّهُ قَالَ: لَابُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ سُلْطَانٍ قَاهِرٍ يُقَاتِلُ التَّتَارَ، وَهَذَا صَبِيٌّ صَغِيرٌ لَا يَعْرِفُ تَدْبِيرَ الْمَمْلَكَةِ.
وَفِيهَا بَرَزَ الْمَلِكُ النَّاصِرُ صَاحِبُ دِمَشْقَ إِلَى وَطْأَةِ بَرْزَةَ فِي جَحَافِلَ كَثِيرَةٍ مِنَ