لَوْ كُنْتَ فِي يَوْمِ السَّقِيفَةِ شَاهِدًا ... كُنْتَ الْمُقَدَّمَ وَالْإِمَامَ الْأَعْظَمَا
فَقَالَ النَّاصِرُ دَاوُدُ لِلشَّاعِرِ: اسْكُتْ، فَقَدْ أَخْطَأْتَ، قَدْ كَانَ جَدُّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْعَبَّاسُ شَاهِدًا يَوْمئِذٍ، وَلَمْ يَكُنِ الْمُقَدَّمَ، وَمَا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ إِلَّا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ. فَقَالَ الْخَلِيفَةُ: صَدَقَ. فَكَانَ هَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا نُقِلَ عَنْهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَدْ تَقَاصَرَ أَمْرُهُ إِلَى أَنْ رَسَمَ عَلَيْهِ النَّاصِرُ بْنُ الْعَزِيزِ بِقَرْيَةِ الْبُوَيْضَا الَّتِي لِعَمِّهِ مُجِيرِ الدِّينِ يَعْقُوبَ حَتَّى تُوُفِّيَ بِهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ بِجِنَازَتِهِ، وَحُمِلَ مِنْهَا، فَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَدُفِنَ عِنْدَ وَالِدِهِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ.
الْمَلِكُ الْمُعِزُّ عِزُّ الدِّينِ أَيْبَكُ التُّرْكُمَانِيُّ
أَوَّلُ مُلُوكِ الْأَتْرَاكِ، كَانَ مِنْ أَكْبَرِ مَمَالِيكِ الصَّالِحِ نَجْمِ الدِّينِ أَيُّوبَ بْنِ الْكَامِلِ، وَكَانَ دَيِّنًا صَيِّنًا عَفِيفًا كَرِيمًا، مَكَثَ فِي الْمُلْكِ نَحْوًا مِنْ سَبْعِ سِنِينَ، ثُمَّ قَتَلَتْهُ زَوْجَتُهُ شَجَرُ الدُّرِّ أَمُّ خَلِيلٍ، وَقَامَ فِي الْمُلْكِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ نُورُ الدِّينِ عَلِيٌّ، وَلُقِّبَ بِالْمَلِكِ الْمَنْصُورِ، وَكَانَ مُدَبِّرَ مَمْلَكَتِهِ مَمْلُوكُ أَبِيهِ سَيْفُ الدِّينِ قُطُزُ، ثُمَّ عَزَلَهُ وَاسْتَقَلَّ بِالْمُلْكِ بَعْدَهُ نَحْوًا مِنْ سَنَةٍ، وَتَلَقَّبَ بِالْمُظَفَّرِ، فَقَدَّرَ اللَّهُ كَسْرَ التَّتَارِ عَلَى يَدَيْهِ بِعَيْنِ جَالُوتَ، وَقَدْ بَسَطْنَا هَذَا كُلَّهُ فِي الْحَوَادِثِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَمَا سَيَأْتِي، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
شَجَرُ الدُّرِّ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ، أَمُّ خَلِيلٍ التُّرْكِيَّةُ
كَانَتْ مِنْ حَظَايَا الْمَلِكِ الصَّالِحِ نَجْمِ الدِّينِ أَيُّوبَ، وَكَانَ وَلَدُهَا مِنْهُ خَلِيلٌ مِنْ أَحْسَنِ الصُّوَرِ، فَمَاتَ